منبر حر لكل اليمنيين

الوحدة والفرد والجغرافيا ضحايا الصراع السياسي

محمد عبده الشجاع

محمد عبده الشجاع::

في كل منعطف من منعطفات الصراع السياسي الذي لا ينتهي تبرز قضية الوحدة الوطنية كمشكلة، في محاولة لإعطاء هذا الصراع مبررًا أو شرعية تفضي إلى ضرورة تقاسم الجغرافيا.

ولأن الوحدة لا علاقة لها فيما يجري كفكرة جوهرية ليست قابلة للتفكيك أو التقاسم، بدليل أن معاناة المواطنين هي القاسم المشترك وعلى كافة المستويات وقد جاءت نتيجة لصناع القرار وتراكم الفساد وعدم الحفاظ على المكتسبات الوطنية الجامعة.

ولذا نجد أن ادعاء الأحقية في الأرض يأتي من العقدة التي أصابت القرارات السياسية بالفشل، فالأرض ثابت جوهري ولا يمكن تحويل الثابت إلى شماعة نعلق عليها أخطاءنا الإدارية وفشلنا في عدم ايجاد نافذة لحوار بناء.

إذا فإن مسألة تقسيم الأرض على أساس الجهات جنوب وشمال شرق وغرب، ليست سوى اجتهادات تصادر أحقية الوعي في أن يقدم نفسه كطرف رافض لها، والسؤال الأهم، من منح هؤلاء المشروعية لفرض واقع يفتقر لأي سلام مستقبلي.

وفي ظل هذا الراهن المخيف والهوة السحيقة التي تم صناعتها نتيجة الانقسام الأيديولوجي في التفكير السياسي واعطاء الأمر مسحة مناطقية قائمة على ماض ليس فيه أثرا للنموذجية، يمكن التساؤل هل هذه الترتيبات بصالح المستقبل الذي يتوق لرؤيته الجميع أم مجرد هروب نحو أفكار ملتبسة ومناطق ضبابية ستخلق بؤر صراع جديدة لا أكثر.

ثم لماذا يتم تغييب إرادة الشارع والكيانات المجتمعية في كل مفاوضات سياسية ورهانات هشة، واعطاء الأولوية للوصاية الفردية التي تعتقد أنها المعني الأول والأخير بمصير الجماهير.

بالنظر إلى حجم التأييد في الشارع نجد أن المشهد يمنحنا صورة مكبرة بأن المطالب الأساسية والجوهرية غير مرتبط بفكرة فك الارتباط مطلقاً وتقسيم الأرض إلى مربعات هزيلة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نموذج الاغلبية والإجماع.

إن هذه المشاريع ليست سوى بوابة للبدء بتقسيم رقعة الشطرنج وفقاً لأفكار استعمارية قديمة لا تخدم مركزية الفرد صاحب الحق التاريخي وسنكون أمام أسوأ نماذج الحلول التي يرفضها الفرد وتلفظها الجغرافيا.

باختصار لا يمكن فرض أي واقع بقوة السلاح وشعارات المناطقية والثارات والاغاني الحماسية التي تعيدنا إلى مربع التوترات والتحشيد بينما نحن جميعا بحاجة إلى كل فكرة لمواجهة مشروع الخرافة الحوثي وقطع ذراع من يحاول النيل من الوطن، إذ لا يمكن منح أنفسنا فسحة سلام واستقرار ونحن نسعى للتقسيم هروباً من قدر لن نكبر إلا به.

تعليقات