أحمد محمد لقمان::
أمام اليمن اليوم لحظة فاصلة لا تحتمل مزيدًا من المناورات أو تأجيل الاستحقاقات. فالدولة التي فشلت في تمثيل مجتمعها لا يمكن إنقاذها بالأدوات ذاتها التي قادتها إلى الانهيار، ولا بخطابات تستحضر الماضي بدل أن تواجه أسئلة الحاضر. إن استمرار الصراع ليس قدرًا تاريخيًا، بل نتيجة خيارات سياسية يمكن تصحيحها متى ما توفرت الإرادة.
إن النداء اليوم موجّه إلى جميع الرموز الوطنية والسياسية، بمختلف مواقعهم وانتماءاتهم، بأن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية التاريخية، وأن يتعاملوا مع اليمن بوصفه وطنًا مشتركًا لا ساحة تصفية حسابات. فاليمن لا يحتاج إلى غالب ومغلوب، بل إلى دولة تتسع للجميع، تقوم على المواطنة المتساوية، والاعتراف بالتنوع، والشراكة في السلطة والثروة.
إن إعادة بناء الدولة اليمنية تبدأ بالاتفاق على مبادئ جامعة لا تُقصي أحدًا: دولة مدنية، محايدة تجاه الهويات الفرعية، تحمي الحقوق، وتحتكم إلى القانون، وتفتح المجال لتنافس سياسي سلمي لا يُدار بالسلاح. وهذا يتطلب شجاعة سياسية في مراجعة التجربة الماضية، والاستعداد للتنازل المتبادل من أجل مستقبل وطني مشترك.
لقد دفع اليمنيون كلفة الصراع من أمنهم ومعيشتهم ومستقبل أبنائهم، ولم يعد لديهم متّسع لخطابات الانقسام أو مشاريع الهيمنة. التاريخ يفتح نافذته الأخيرة أمام النخب اليمنية: إما أن تلتقط هذه اللحظة لبناء دولة شراكة وعدالة، أو أن تترك الأجيال القادمة ترث وطنًا ممزقًا بلا دولة ولا أفق.
إنه نداء الوطن إلى الجميع: أنقذوا الدولة قبل أن يضيع الوطن.