منبر حر لكل اليمنيين

قراءة للمشهد.. ماذا بعد اعتراف إسرائيل بأرض الصومال

أسامة فؤاد محمد

أسامة فؤاد محمد

يعد التطور الدراماتيكي الذي شهده القرن الأفريقي يومنا هذا السادس والعشرين من ديسمبر 2025 بإعلان إسرائيل اعترافها الرسمي بجمهورية أرض الصومال (صومال لاند) كدولة مستقلة ذات سيادة منعطفا جيوسياسي خطير، يهدد وحدة الصومال والأمن القومي العربي في آن واحد وهذا الاعتراف الذي جاء بتوقيع مشترك بين بنيامين نتنياهو والرئيس عبد الرحمن محمد عبد الله إيرو لم يكن مجرد خطوة دبلوماسية بل هو جزء من استراتيجية تفتيت الكيانات التي تنهجها إسرائيل لتعزيز نفوذها في الممرات المائية الحيوية من خليج عدن إلى باب المندب.

تشير قراءة المشهد إلى أن هذا الاعتراف يمثل ضوءا أخضر للحركات الانفصالية في المنطقة وفي مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن الذي يرى في نموذج أرض الصومال خارطة طريق لتحقيق انفصال جنوب اليمن والعلاقة هنا تكمن في وحدة المصير الانفصالي والارتباط الوثيق بالداعمين الإقليميين حيث أبدى قادة المجلس الانتقالي في مناسبات عدة استعدادهم للمضي في مسار التطبيع والانضمام لاتفاقيات أبراهام مقابل الحصول على اعتراف دولي مماثل مما يجعل الخطوة الإسرائيلية في الصومال بمثابة بالون اختبار لتكرار السيناريو في الضفة الأخرى من خليج عدن.

أما عن السلبيات والتجاوزات الصارخة لسيادة الدولة الصومالية باعتبارها دولة عربية عضو في الجامعة العربية فتتجلى في عدة نقاط أولا الضرب بعرض الحائط بمبدأ وحدة الأراضي الذي تقره الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي حيث تعد مقديشو هذا الاعتراف انتهاكا صارخا لسيادتها وتدخلا في شؤونها الداخلية يهدف إلى شرعنة كيان انفصالي لم يحظ باعتراف دولي منذ عام 1991.

ثانيا خلق بيئة من عدم الاستقرار في منطقة البحر الأحمر حيث يؤدي هذا التقارب إلى استقطابات حادة تجر قوى إقليمية مثل مصر وتركيا إلى مواجهة سياسية وعسكرية غير مباشرة لحماية وحدة الصومال مما يحول المنطقة إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية.

ثالثا فتح الباب أمام التواجد العسكري والاستخباراتي الإسرائيلي المباشر بالقرب من المضائق الحيوية وهو ما يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي وتطويقا للمنافذ البحرية التي تمر عبرها أغلب إمدادات الطاقة العالمية.

رابعا يكرس هذا الفعل سياسة الأمر الواقع التي تضعف الدولة المركزية في مقديشو ويمنح الجماعات الإرهابية مثل حركة الشباب ذريعة لرفع وتيرة العنف تحت شعار محاربة التدخل الخارجي مما يزيد من معاناة الشعب الصومالي ويعطل مسار التنمية والاستقرار الذي بدأ يتعافى تدريجيا إن هذا المشهد يضع المنظومة العربية أمام اختبار حقيقي لإثبات قدرتها على حماية سيادة أعضائها في ظل تمدد إسرائيلي يستخدم الدبلوماسية الانفصالية كأداة لإعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة على حساب الاستقرار والوحدة الوطنية للدول العربية.

تعليقات