فيصل الشبيبي::
لم يكن المؤتمر الشعبي العام يومًا حزبًا تابعًا أو أداةً بيد أي جماعة مسلحة، بل كان مشروع دولة، وصوتَ جمهورٍ واسع آمن بالتعددية وبمؤسسات الدولة لا بحكم السلاح. ولهذا فإن ما أقدمت عليه بعض قياداته اليوم من خضوع لإملاءات ميليشيا الحوثي، وقبولها بقرارات تمس كيان الحزب وتاريخه، يُعدّ جرحًا عميقًا في ضمير كل مؤتمري حر.
القرار التعسّفي بفصل الشيخ غازي أحمد علي محسن، الأمين العام للمؤتمر، لا يمكن فهمه إلا في سياق الضغوط المفروضة، ولا يعكس إرادة القواعد ولا روح المؤتمر التي تأسست على الشورى والعمل المؤسسي، لا على الإقصاء والتصفية السياسية.
كان الأجدر بكم أن تحموا الحزب من الارتهان، لا أن تسلموا قراره، وأن تصونوا قياداته، لا أن تضحّوا بها لإرضاء عصابة الأمر الواقع. فالحزب الذي ينحنى اليوم للميليشيا، لن ينجو غدًا من مزيد من التفكيك، ولن يُحترم حتى من قِبل من فرض عليه الانحناء.
هذا ليس خلافًا شخصيًا، بل عتاب من محبين يرون حزبهم يُساق بعيدًا عن مبادئه، ويُستخدم غطاءً لشرعنة هيمنة لا تؤمن لا بالمؤتمر ولا بالدولة.
راجِعوا مواقفكم قبل أن يفقد المؤتمر أمجاده وصدارته ورجاله، وقبل أن يسجل التاريخ أن قياداته اختارت السلامة المؤقتة على حساب الشرف الحزبي والمسؤولية الوطنية.
تجميد نشاط الحزب في الداخل أكرم من تحويله إلى أداة بيد الميليشيا، تُدار قراراته تحت فوهات البنادق وتُباع مواقفه ضعفًا لا قناعة.
لا تتخلّوا عن أسودكم فتنهشكم كلاب أعدائكم، فالأسودُ سياجُ الكرامة، ودرعُ المواقف عند العواصف.
من فرّطَ في رجاله، ضاع صوته، وتكسّرت هيبته بين الخصوم، ومن صان أسوده بقي واقفًا مهابًا، تحسب له الساحات ألف حساب.