همدان العلي::
أؤمن بأن خطاب المطالبين بالتقسيم مشحون بالعاطفة، ومثقل بالروايات غير الدقيقة والانطباعات المتراكمة الناتجة عن مبالغات تناقلها كثيرون خلال العقود الماضية. غير أن هذا الإيمان لا ينفي وقوع الظلم، ولا يلغي حق أبناء الجنوب في تقرير مصيرهم. ومع أهمية تفنيد هذه السرديات وكشف عدم صحتها في بعض السياقات، إلا أنني لا أنصح بالغرق في هذا المسار وحده.
فمن جرب، على مدى حوالي ثماني سنوات (2005–2012)، الكتابة والنقد والجدل مع أصحاب مشروع “الجنوب العربي”، يدرك أن هذا النوع من السجال لا يؤدي دائما إلى نتائج إيجابية، بل قد يسهم أحيانا في تعميق الخلاف وتفاقم الأحقاد وزيادة عناد المتحمسين للتقسيم.
ما أنصح به دائما هو تسليط الضوء، بطريقة علمية وموضوعية، على أضرار التقسيم المحتملة على الشمال والجنوب والشرق، وعلى دول الإقليم أيضا، سياسيا واقتصاديا وأمنيا واجتماعيا.
ويستحسن، بل من الضروري، أن تضطلع بهذا الدور مؤسسات بحثية مستقلة، تقدم دراسات معمقة وموثوقة، بعيدا عن الخطاب التعبوي والانفعالي.
بهذا النهج يمكن الوصول إلى قلوب أهلنا في المحافظات الجنوبية، وفتح باب النقاش العقلاني والبناء معهم.
أما الشعارات من قبيل “الوحدة أو الموت”، والتحدي أو محاولات فرض فكرة الوحدة بالقوة، فلن تخلف سوى نتائج عكسية، ولن تحقق خيرا لأحد.