منبر حر لكل اليمنيين

جريمة القرن في دار الرئاسة لن تُنسى الإرهاب في قفص العدالة مهما طال الزمن

د. نشوان ناجي نشوان

في الثالث من يونيو من كل عام، تطل علينا الذكرى الرابعة عشرة لأبشع جريمة إرهابية دموية بشعة شهدها اليمن في تاريخه المعاصر، وهي جريمة استهداف مسجد دار الرئاسة أثناء صلاة الجمعة في جمعة رجب، والتي استهدفت رئيس الجمهورية اليمنية الزعيم علي عبد الله صالح وكبار قيادات الدولة وهم في بيت من بيوت الله، في مشهد صادم تجاوز في بشاعته كل القيم الإنسانية والدينية والقوانين السماوية والوضعية.

لم تكن تلك المحاولة الآثمة الحاقدة مجرد استهداف لأشخاص، بل كانت محاولة خسيسة لاغتيال الوطن برمّته، ونسف مؤسساته وشرعيته، وزرع الفوضى في جسده الطاهر، وقد هزّت هذه الجريمة ضمير كل يمني حر، كما هزّت الضمير العالمي، لتُعرف بحق بـ”جريمة القرن” لما انطوت عليه من خسة وإجرام وتهديد مباشر لكيان الدولة اليمنية.

حيث أدان مجلس الأمن الدولي هذه الجريمة البشعة ووصَفها صراحة بأنها “عملٌ إرهابيٌ مكتمل الأركان”، راح ضحيته ثلاثة عشر شهيداً من كبار رجال الدولة والجيش والمدنيين، في مقدمتهم فقيد اليمن الكبير الشهيد عبد العزيز عبدالغني، كما أُصيب فيها أكثر من مئتي شخص من خيرة رجالات وقيادات وأبناء الوطن الأوفياء.

هذه الجريمة الإرهابية – كما غيرها من الجرائم الكبرى التي ارتُكبت بحق اليمن – لا تسقط بالتقادم، ولا تُمحى من ذاكرة الأجيال، ولا بد أن يُقتاد مرتكبوها إلى ساحات العدالة، لينالوا جزاءهم العادل والرادع، ويعلو صوت الحق في وجه الباطل، وتُرفع راية القانون على تراب اليمن الجريح.

ما آلت إليه اليمن من انهيار شامل وكارثة إنسانية مروّعة، هو نتيجة مباشرة لتحالف خبيث بين الإرهاب والفساد؛ هذا الثنائي القاتل الذي دمّر مؤسسات الدولة، وشرّع الفوضى، وأرهق كاهل المواطن، ومزّق النسيج الوطني.

وبوضوح تام، نؤكد أن جريمة دار الرئاسة وغيرها من الجرائم الجسيمة، ليست صفحات قابلة للطي، ولا أحداثاً منسية في دهاليز السياسة، بل هي قضايا عدالة وحق، ستظل حاضرة في وجدان كل يمني شريف، ومهما طال الزمن، فإن يد العدالة ستمتد حتماً لتطاول الجناة، لينالوا القصاص العادل، وفاءً لدماء الشهداء، وإنصافاً للوطن، وصوناً لما تبقى من كرامة المواطن اليمني.

إن أبناء اليمن الأحرار والشرفاء، بمختلف توجهاتهم ومشاربهم، يدينون هذه الجريمة النكراء التي كانت الشرارة الأولى لانهيار الدولة، وهي إحدى الحلقات السوداء التي فتحت الأبواب أمام الفوضى، وساهمت في إدخال البلاد في نفقٍ مظلم لم تخرج منه حتى اليوم.

ولا يمكن لأي مشروع وطني حقيقي أن ينجح ما لم تُفتح ملفات هذه الجرائم، ويُحاسب مرتكبوها، أيّاً كانت أسماؤهم أو مواقعهم، لأن العدالة ليست ترفاً ولا خياراً، بل مصير لا مناص منه، وهي الشرط الأول لبناء يمن جديد قائم على قيم الحق والمواطنة والعدالة الإنصاف.

نجدد إدانتنا واستنكارنا الشديدين لهذه الجريمة الخسيس الحاقدة، ونؤكد أنه لا مستقبل لليمن إلا بتحقيق العدالة الناجزة، والقضاء على الإرهاب والفساد، حتى يعود الوطن آمناً مستقراً، وتُصان كرامة الإنسان اليمني وحقوقه.

أخيراً.. العدالة صوت لا يخفت، وحق لا يُنسى، وجرح الوطن في “دار الرئاسة” سيبقى مفتوحاً حتى تتحقق العدالة، ويُقتص للضحايا، وترفع رايات القانون فوق رايات الفوضى.
فالقانون والدستور هو الطريق الوحيد إلى استقرار اليمن، والعدالة آتية لا محالة، مهما طال ليل الظلم والخراب والدمار.

تعليقات