منبر حر لكل اليمنيين

الذكرى الرابعة عشر لتفجير دار الرئاسة: جريمة إرهابية كشفت عمالة لأجندات خارجية

د. جبريل البريهي

في الثالث من يونيو/حزيران 2011، اهتزت اليمن على وقع جريمة مروعة استهدفت رأس الدولة ورموزها السياسية والعسكرية والدينية أثناء أداء شعيرة من أقدس شعائر المسلمين: صلاة الجمعة. تفجير دار الرئاسة لم يكن مجرد اعتداء على مبنى رسمي أو على شخصية سياسية بعينها، بل كان عدوانًا سافرًا على الدولة، والدين، والقيم الأخلاقية، والوطنية، والسيادة.
جريمة سياسية وأخلاقية مكتملة الأركان

حين استهدف المنفذون الرئيس علي عبد الله صالح وكبار قيادات الدولة وهم في وضع السجود لله داخل مسجد دار الرئاسة، لم يوجهوا قذائفهم نحو الخصومة السياسية فحسب، بل نحو جوهر المجتمع اليمني وقيمه الإسلامية التي تجرّم العدوان وقت العبادة، وتحرم الغدر والخيانة. لم يكن الهدف إسقاط نظام بوسائل مشروعة، بل اغتيال دولة بكاملها عبر الفوضى والدم.
العملية كانت انتهاكًا مزدوجًا: للأخلاق أولًا، وللدستور والقانون ثانيًا. فقد اختار المنفذون لحظات السكينة والخشوع لله ليحولوا المسجد إلى ساحة موت، وكأنهم يقولون: “لا قدسية عندنا، لا مسجد يُحترم، ولا صلاة تُوقر، ولا دم يُصان.”
أجندات خارجية بأيادٍ محلية
تفجير دار الرئاسة لم يكن ليتم لولا غطاء سياسي وتنسيق استخباراتي ودعم لوجستي من قوى خارجية، رأت في الرئيس صالح عقبة في طريق إعادة رسم خريطة اليمن بما يخدم مصالحها. لقد كانت الأيادي التي وضعت المتفجرات محلية، لكنها كانت تُدار عن بعد من عواصم إقليمية ودولية تسعى لتحويل اليمن إلى ساحة تصفية حسابات لا نهاية لها.
منذ اللحظة الأولى، كشفت التحقيقات أن العملية لم تكن عملًا فرديًا أو انتقامًا داخليًا، بل كانت جزءًا من خطة أوسع لهدم الدولة من الداخل وخلخلة بنيتها السياسية والمؤسسية. وكما هي العادة، لم تكن الديمقراطية ولا الحرية من أهداف أولئك الذين مولوا ونفذوا هذه الجريمة، بل مصالح جيوسياسية وأطماع تمتد من باب المندب إلى صعدة.
صالح نجا… واليمن دفع الثمن
رغم الإصابات البالغة التي لحقت بالرئيس صالح ورفاقه، إلا أن المحاولة فشلت في إسكات صوته أو إخماد حضوره في المشهد السياسي. لكن النجاح الحقيقي للعملية كان في زعزعة البلاد ودفعها إلى نفق من الانقسامات والعنف ما تزال آثاره مستمرة حتى اليوم.
خاتمة
تفجير دار الرئاسة لم يكن مجرد جريمة سياسية، بل محطة سوداء في تاريخ اليمن الحديث، كشفت فيها الأقنعة، وسقطت فيها الشعارات الزائفة. إنه تذكير مرّ بأن الإرهاب لا دين له، ولا أخلاق، ولا وطن، وأن خيانة الداخل حين تمتزج بأطماع الخارج تُنتج أكثر الجرائم وحشية ودموية.
لقد حان الوقت لأن يُعاد فتح هذا الملف، لا من باب الانتقام، بل من باب العدالة، والحقيقة، والكرامة الوطنية.

تعليقات