منبر حر لكل اليمنيين

حصار صنعاء 1967: درسٌ وطني وانتصارٌ للجمهورية

د. طه حسين الهمداني

د. طه حسين الهمداني::يصادف يوم 28 نوفمبر من كل عام ذكرى بدء حصار صنعاء الذي فرضته فلول الملكيين عام 1967، ذلك الحصار الذي استمر نحو سبعين يومًا حتى أوائل فبراير 1968، وانتهى بانتصار الجمهورية وتثبيت ركائز النظام الجمهوري الفتي.
لم يكن ذلك الحدث مجرد فصل من التاريخ، بل غدا رمزًا لصمود اليمنيين وصلابة إرادتهم الوطنية في الدفاع عن الحرية والمواطنة والوحدة، ورفضهم لكل أشكال الوصاية والهيمنة والمشاريع الرجعية الأحادية.
في تلك المحنة العصيبة قدّم الشهداء الأبرار أرواحهم فداءً للثورة الوليدة، وإيمانًا بالحرية والكرامة والاستقلال، وتمسّكًا باستكمال مشروع الجمهورية ودحر ظلام الكهنوت.

وفي “موقعة السبعين” صنع أبطال فكّ الحصار ملحمة خالدة في حماية العاصمة ومؤسسات الدولة الحديثة، مؤكدين أن إرادة الشعب اليمني أقوى من كل محاولات إعادة الماضي أو إحياء الإمامة وفرض الوصاية على الوطن من جديد.
إن استحضار هذه المناسبة الخالدة هو تجديدٌ للعهد مع الوطن، وترسيخٌ لقناعةٍ راسخة بأن الجمهورية خيارٌ شعبي لا رجعة عنه، وأن مشاريع إحياء الماضي فقدت كل إمكانية للنجاح، تاريخيًا وواقعيًا.

وتأتي هذه الذكرى لتعيد التأكيد على الأهمية البالغة للوحدة الوطنية والتماسك والصمود، وعلى عمق الترابط بين مبادئ ثوار 26 سبتمبر وروح ثوار ديسمبر.
واليوم، واليمن يواجه تحديات جسيمة — من الانقسام الداخلي وتغوّل التدخلات الخارجية إلى الصراعات المسلحة التي تهدد مؤسسات الدولة — تقدّم لنا هذه الذكرى دروسًا لا تُقدّر بثمن، أبرزها أن الحرية والوحدة ليستا منحة، بل ثمرة تضحيات وصمود.
وأن النظام الجمهوري ليس مجرد صيغة سياسية، بل عقيدة وطنية راسخة في ضمير الشعب ووعيه، لا يمكن للمليشيات الجهوية والمذهبية ولا لجماعات العنف أن تقتلعها أو تطمس رسوخها.

لقد أثبتت التجربة أن إرادة الشعب اليمني كانت وستظلّ أقوى من كل محاولات إضعاف الدولة أو تفكيك مؤسساتها، وأن صيانة قيم الثورة والجمهورية هي الطريق الأمثل لإعادة بناء اليمن على أسس وطنية متينة.
فلنجعل من هذه الذكرى محطةً لتجديد الولاء للجمهورية، وترسيخ قيم الثورة، وتعزيز العمل الوطني المشترك من أجل استقرار اليمن وتنميته وازدهاره.
لقد أثبت التاريخ أن إرادة الشعب هي التي تصنع النصر، وأن الجمهورية اليمنية ستظل السور الحامي لوحدة الوطن وحقوق مواطنيه.

تعليقات