منبر حر لكل اليمنيين

استفزتهم صورة.. وأربكتهم التحالفات: الحوثي في لحظة الضعف الكبرى

د. عادل الشجاع

لم تكن القبيلة اليمنية يوما كيانا يسهل ترويضه أو تطويعه، فهي الحاضنة الطبيعية للسيادة والكرامة، والصوت الذي لطالما رفض الخضوع لسلطة الاستعلاء والطغيان، لكن جماعة الحوثي، في سعيها المحموم لفرض نموذجها العقائدي والسياسي بالقوة، سعت إلى تفكيك هذا الكيان التاريخي، عبر التمييز، والإذلال، وفرض الولاءات بالقهر لا بالقناعة..

مارست الجماعة نهجا استعلائيا ممنهجا ضد أبناء القبائل، تحت عباءة “الحق الإلهي”، واحتقرت كل ما يتعارض مع تصورها الضيق للحكم والهوية، لكنها وبدون أن تدرك، كانت تمهد الأرضية لنقمة شعبية وقَبلية عارمة بدأت اليوم تنضج وتتشكل، لا كتيارات منفصلة، بل كجبهة وطنية وقبلية موحدة ضد مشروعها السلالي..

الخوف الذي يتستر خلف العنف

اليوم، يعيش الحوثيون حالة من القلق المتزايد والرعب المستتر، يحاولون التغطية عليه عبر استعراض القوة والبطش، فأحكام الإعدام التي يصدرونها، كالحكم الأخير ضد أحمد علي عبدالله صالح، ليست إلا محاولات يائسة لتثبيت “هيبة متآكلة”، ورسائل ترهيب لمن يفكر بالخروج عن طوعهم..

غير أن الصورة التي جمعت مؤخراً بين العميد طارق صالح، وهاشم الأحمر، وكهلان مجاهد أبو شوارب، كانت كفيلة بإثارة جنونهم، لأنها ببساطة تعبّر عن التحام جديد بين رموز عسكرية وقبلية كانت متباعدة، لكنها اليوم تتقاطع على هدف واحد: إسقاط المشروع الحوثي..

وحدة الخصوم علامة النهاية

لقد أدرك اليمنيون من مختلف المشارب أن الحوثي لا يفرق بين قبيلة وقبيلة، ولا بين منطقة ومنطقة، بل يتعامل مع الجميع من منطلق الفوقية والوصاية، لذلك، فإن التحالفات التي تتشكل اليوم لا تقوم على المصالح الذاتية الضيقة، بل على قناعة جماعية بأن بقاء الحوثي هو تهديد لهوية اليمن، وسلامه الاجتماعي، ومستقبله السياسي..

بات الحوثي اليوم يلفظ أنفاسه الأخيرة، ليس فقط عسكريًا، بل اجتماعيًا وأخلاقيًا، بعد أن كشفت سنوات حكمه زيف الشعارات، وبؤس الإدارة، ودموية السلوك، ولم يبقَ إلا من ينتزع منه تلك الأنفاس الأخيرة، ويطوي صفحة الظلم والوصاية، ويفتح لليمن أفقًا جديدًا عنوانه الشراكة والعدالة..

تعليقات