منبر حر لكل اليمنيين

مجروحٌ من صالح، ومجروح عليه

غائب حواس

لست من أنصار صالح، وبالعكس فقد كنت متطرفاً ضده يوم كانت التهلكة مصير من يقف بعض الموقف الذي وضعت نفسي فيه وأصررت عليه لعقود.

ووالله لا أجد في نفسي عليه مما يخصني ذرة حقد، بالعكس فقد كانت حتى سجونه وزنازين دولته لا تخلو من احترام اليمنيين لبعضهم.

كل الذي أوجعني من صالح هي فترة عمله لصالح الإمامة عندما ظن أنه ينتقم بهم من أطراف بعينها، وهو في الواقع كان ينتقم من اليمن الجمهوري بما في ذلك شخصه هو كـ علي عبدالله صالح المعجون رغما عنه بأربعة عقود من الحكم الجمهوري كجندي وضابط ورئيس وإنسان يمني.

أقول رغم كل ذلك إن خروج صالح بموته من معادلة الصراع مثّل خسارةً كبيرة في ميزان الصراع. وإذا أردت أن تعرف ماذا كان يمكن أن يفعله صالح بكل حضوره الطاغي في نفوس جمهوره الأكثر شعبية في البلاد.. فانظر ماذا يفعل طارق وهو بعضٌ من صالح. فما بالك لو كان صالح نفسه هو الذي في الساحل، أو في أي منطقة عسكرية أو قبلية.

أنا مجروحٌ من صالح، ومجروح عليه،
مجروحٌ منه لمساندته عودة المشروع الإمامي في لحظةٍ حرجةٍ من نزيفنا الجمهوري.
ومجروحٌ عليه لأنه أفاق بعد فوات الأوان، فلم يتمكن أن يعود إلينا نحن الشعب الذين تنسينا فرحتنا بالعائدين إلى جمهورية قلوبنا وجع قلوبنا الجمهورية منهم.

كشخصٍ بسيط لم يكن بينه وبين صالح خلاف حزبي على منصب أو محاصصة، كنت أتمنى أن يعود صالح ليلم شتات أنصاره الذين لا يجمعهم سوى سحر صوته الأجش، ليحشدهم مع إخوانهم في المكونات الأخرى تحت سماء الجمهورية وعلمها السبتمبري الخفاق.

نحن لا نأخذ تقييم أصحابنا من الأفلام الوثائقية المتعوب عليها من المخرج السياسي لتشكيك اليمنيين في بعضهم.

صالح رجلً شجاع قبل أن يكون رئيساً، صحيح أنه ليس دموياً ولكنه ليس جباناً. وحتى يوم زجُ بي في السجن بتوجيه رئاسي منه قبل ثلاثين عاماً.. قلت فيه ما لم يقله مالكٌ في الخمر، وأثبت أقوالي في محاضر التحقيق وبصمت عليها، قلت فيه كل التهم إلا واحدةً كنت أرى نفسي أكبر من أن أفتري عليه فيها – فلم أقل أنه جبان. لأنه ليس جبانا. لا يمكن أن يكون رئيسي ورئيس شعبي جباناً أبدا.

صالح ومحسن لم يكسروا ناموس يمني على طول امتداد فترة حكمهم. وبالعكس إن تساهلهم المفرط كان سبباً من أسباب ضياع هيبة الدولة. والدولة إذا ذهبت هيبتها لا تمكث بعدها طويلاً حتى تلحق بها.

لقد كنا مسئولين عن ذهاب الجمهورية والدولة.. أنا شخصياً من أكبر المقصرين على المستوى الشخصي كمواطن لم يقدم لوطنه الواجب المستحق عليه. كنت أستطيع أن أقدم الأكثر والأفضل ولكن التكاسل والإكتفاء بما كان – وهو قليل لا يذكر – جعلنا كلنا مقصرين.

مشكلتنا أننا لا نلوم أنفسنا بقدر ما نتلاوم فيما بيننا ونلقي بالمسئولية على بعضنا. ونحن كلنا رازحون تحت أثقال القصور والتقصير.

تعليقات