لا أميل إلى اجترار الماضي، ولا أتعامى عنه. أكتبه كما أراه، بوضوح لا يعرف المداراة، وبصراحة لا تخشى العواقب.
عارضتُ علي عبدالله صالح وأنا بعدُ في مقتبل العمر، مارستُ معارضتي في العلن، وكنت أمرُّ ليلاً بجوار قصره، فتلوح لي حراسته الأمنية بالمرور ، ويبادلوني التحية وكأنهم يعلمون أن هذا الصوت لن يخفت. واليوم، وقد طويتُ الأربعين، لم يعد في القلب موضع لرهبة، ولا في العقل متّسعٌ لمجاملات زائفة.
اليوم بعد عقد من الزمن ورحلة البحث عن وطن ما بعد صالح، قضيت 10 سنوات نجوتُ من الموت خمس مرّات، وواجهت سيل من التهديدات – وكلها محفوظة، وسأكشفها في وقتها، حينما تعود الدولة، لأن بعض الحقائق لا تُهدى لمن لا يستحق.
وفي طريق البحث عن الوطن أعيش ومثلي آلاف المناضلين تلاحقنا تهم الأعداء والأصدقاء ولسان الحال:
إن كنت في شرع آل البيت مرتزق
فأنت في عرف أهل الله مغتصب
أما عن علي عبدالله صالح، فقد أخطأ — نعم —لكنه في آخر الطريق، امتلك شجاعة الاعتذار لشعبه، وهو ما لم يفعله كثير من شركائه الذين صنعوا معه المشهد، وتقاسموا القرار، وورّطوا البلاد، ثم تنصّلوا.
قضى نحبه في الثنية، أو سنحان، لا فرق، قتلته الفئة الباغية، ولفظ أنفاسه في ساحة المعركة.. صالح دفع ثمن خطيئته من دمه، أما هم، فقد تركوا الشعب يدفع الثمن عنهم، وما زالوا يطالبون بالصفح والاحترام، دون أن ينطقوا بكلمة ندم واحدة.
يريدون من الناس أن يحرموا صالحاً من الرحمة، وأن يفيضوا عليهم بالدعاء!
لا والله، لا دعاء في حياتهم، ولا ترحّم بعد موتهم، حتى يواجهوا أنفسهم أولاً، ويعترفوا بخطاياهم، ويقدّموا للشعب اعتذاراً يليق بما ارتكبوه، ثم يلحقوا بصالح من الطريق ذاته..
عندها فقط، نُعاملهم بما يليق بموتى طهّرهم الاعتراف، وبرأتهم الشهادة، لا بمذنبين استمرأوا الإنكار حتى الرمق الأخير.
* من صفحته في فيس بوك.