عرضت قناة العربية برنامجًا وثائقيًا بعنوان “مَقتل علي عبدالله صالح”. ورغم أن العمل لم يقدّم جديدًا نوعيًا في المعلومات، إلا أنه نجح في استدعاء لحظة من أشد لحظات اليمن إيلامًا. برنامج كهذا، في توقيت كهذا، لم يكن محايدًا في أثره؛ إذ فتح جراحًا لم تندمل بعد، وأثار تساؤلات كثيرة.
اللافت في البرنامج كان ظهور مدين علي عبدالله صالح، الذي تحدث بصراحة لافتة تُحسب له، دون انفعال أو إنكار، واضعًا الأمور في سياقها من موقع الشاهد العيان. وقد قدّم صورة مختلفة، أكثر توازنًا عن والده كرجل حكم اليمن لعقود ثم واجه نهايته منفردًا.
وبرأيي، ليس من العيب أن يختار القائد تغيير موقع المعركة حين يُحاصر أو يُخذل، فالانسحاب ليس دائمًا جبنًا، بل أحيانًا مناورة أخيرة في وجه الخيانة. ومقتل صالح لا يُنقص من شجاعته، ولا يُلغي تاريخه المعقّد، الذي جمع بين الأخطاء القاتلة والحنكة السياسية.
ما يجب أن يُقال بوضوح هو أن الخذلان الذي تعرّض له صالح في أيامه الأخيرة كان أقسى من الرصاص. أما التشفي في موضع مقتله، فهو انحدار في الوعي الجمعي، لا يليق بشعبٍ عظيم كاليمنيين.
لقد أخطأ صالح كثيرًا، لكن من الإنصاف الاعتراف بأنه كان جزءًا أساسيًا من تاريخ اليمن الحديث، بسلبياته وإيجابياته. لا يُلغى الرجال من الذاكرة، ولا يجوز محاكمتهم وفق النهاية وحدها.
وختامًا، فإن ما نحتاجه اليوم ليس إعادة فتح معارك الذاكرة، بل اصطفاف وطني صادق لاجتثاث المشروع الحوtي الذي دمّر مؤسسات الدولة، وخنق الحريات، ومزّق النسيج الاجتماعي.
كفانا شتاتًا… فلنضع الماضي حيث يجب، ونتوحد من أجل المستقبل .
27 يوليو 2025م