منبر حر لكل اليمنيين

لماذا لا ينتصر اليمن كما “انتصرت” سوريا؟

محمد الوديع

يردد البعض أملًا أن ينتصر اليمن كما “انتصرت” سوريا، لكنهم يتجاهلون الحقيقة الجوهرية: لا تنتصر الشعوب إذا ظلت تحاكم قادتها بمقاييس الماضي، وتعيش في دوامة الرفض والريبة.
الفرق بين اليمن وسوريا لا يكمن فقط في الجغرافيا أو التحالفات، بل في مزاج الشعوب وموقفها من القيادة.

سوريا، رغم عمق الجراح، شهدت لحظة “تصالح واقعي” بين الشعب ومصيره. لم يكن هذا التصالح حبًا بالنظام أو تجاهلًا للمجازر، بل لأنه لم يعد هناك خيار آخر يُنهي الحرب سوى القبول بالأمر الواقع. لم يُعد أحد ينبش في ماضٍ، أو في دهاليز النظام، لأن الناس هناك أرادوا الحياة، بأي صورة ممكنة،وهكذا أعاد النظام ترتيب أوراقه، ونجح في فرض نفسه كرقم إجباري، حتى على خصوم الأمس.
في اليمن للأسف الوضع مختلف كليا كل قائد يُدان بتاريخه، لا أحد يُمنح فرصة جديدة، الجميع متهم حتى تثبت براءته، والبراءة مستحيلة في بلد تتداخل فيه السياسة بالقبيلة، والثأر بالأفكار.

كل مبادرة، كل مشروع إنقاذ، يتعثر لأن الناس لا تتفق، وكل قيادة تُرفض، لا لأنها فاسدة بالضرورة، بل لأنها “ليست من المزاج العام” أو لأنها لا تنتمي إلى التكتل الذي يفضّله هذا الطرف أو ذاك.

المجتمع الدولي عاجز عن دعم قيادة غير متفق عليها فحين ينظر إلى اليمن، يرى لوحة شديدة التعقيد..
لا يوجد طرف واحد يمكن أن يُعوّل عليه، ولا قيادة تحظى بإجماع كافٍ لذلك تتوالى المبادرات، وتفشل، أو تُجمّد في منتصف الطريق. فما لم يتوحد الداخل، سيظل الخارج مترددًا، وسيظل اليمن مؤجلًا على طاولة السياسة الدولية.

خلاصة القول : مشكلة اليمن ليست في قلة الدعم، بل في عمق التناقضات الداخلية التي لم نجرؤ بعد على مواجهتها لذا لا خلاص يُرتجى ما لم نُسلّم بمرارة الواقع فالأزمة اليمنية لا تنبع من شُحّ الدعم، بل من تعقيدات داخلية نأبى الاعتراف بها نحن بحاجة الى لحظة وعي جماعي تقول: “كفى”، وتبدأ من الممكن، لا من المثاليات ،ما لم تحدث هذه اللحظة، فلن يأتي النصر، لا كما جاء في سوريا، ولا بأي صيغة أخرى.

تعليقات