منبر حر لكل اليمنيين

فرصة رؤية عربية لتحييد المخاطر

أحمد محمد الخالدي

تاريخيًا، تميزت التفاعلات بين إسرائيل وإيران بالتصادمات غير المباشرة، ولم يحدث من قبل ان شارك أي من الجانبين في هجمات عسكرية مباشرة. فبعد سنوات من المواجهة بالوكالة وبعض العمليات المحدودة مؤخراً،
دخلت إسرائيل وإيران في مواجهة مباشرة، بدأتها الأولى بهجوم مباغت على الجمهورية الإسلامية الجمعة الماضية، أسفر عن مقتل قادة عسكريين وعلماء نوويين ومدنيين بينهم نساء وأطفال إيرانيون وفق طهران.
ولكن ومع مرور خمسة أيام على استمرار الهجمات وتفاقم الصرع في ظل السيناريوهات الغير وضاحة المعالم، وتحرك قطع عسكرية أمريكية باتجاه الشرق الأوسط في إشارة لزيادة التصعيد والذي بدوره سيؤدى بلا شك إلى أشراك دول أخرى في الصراع،
والواضح أن الصراع أخذ مسارًا أكثر مباشرةً من أي وقت مضى، وأصبحت الضربات الجوية المستمرة أكثر تركيزاً، في ظل تبادل التحذيرات من كلا الطرفين بإخلاء المدن، وبهذا فإن قادة الطرفين أصبحا لا يفرقا بين الأهداف العسكرية والمدنية.
وهنالك من يرى أن اسرائيل تتطلع إلى استمرار التصعيد في العمليات العسكرية من منطلق رؤية داخلية مفادها أنها فرصة تاريخيّة لإضعاف وتدمير قدرات ايران كخصم استراتيجي، والقضاء على برنامجها النووي وإهانة قيادتها العسكريين والسياسيين، والمساعدة على خلق تغيير لنظام من الداخل الإيراني، وهذا بدوره سيعزز المكاسب السياسية ومن مكانة نتنياهو داخل الدولة اليهودية.
كما أن إضعاف الرد الإيراني سيقود ترامب للاشتراك في حقوق ملكية الانتصار خصوصاً أن اعلان امتلاك إيران لسلاح النووي يعد من أهم الخطوط الحمر في ادارة ترامب حيث صرح بذلك مبعوثه للمنطقة استيف ويتكوف في وقتٍ سابق.
أياً ما ستؤول إليه الأحداث فإن الخسائر ستطال الطرفين ونتائجها ستصيب المنطقة والعالم ككل، فما نحن من نتائج الحرب الروسية الأوكرانية ببعيد، وهذا ما يستدعي تعزيز المواقف العربية تجاه بعضها.

الموقف العربي

في موقف شبه موحد أدانت أغلبية الدول العربية الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، معتبرةً إياه ” انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ” و” عدواناً غاشماً يهدّد أمن المنطقة واستقرارها ” من منطلق السبق والانعكاس لتداعيات تلك الحرب على دول المنطقة. حيثُ أن المنطقة لازالت تحت تأثير معاناة الحرب على غزة واستهداف الملاحة البحرية الدولية، وبعض الأزمات المتفرقة هنا وهناك، أي أن المنطقة مثقلة الكاهل.
كما أن الدول العربية كانت في فكي كماشة الاخطار من كلا الطرفين، فإنها لن تكون بمعزل عن خطر المنتصر.
ففي هذه المرحلة يجب أن تولي أهمية قصوى لإعادة شامله لتقييم التحالفات العربية العربية وإعادة ترتيب تلك التحالفات، وإعطاء الأولوية للمصالح المشتركة، وتجاوز الخلافات، وتعزيز الثقة المتبادلة. كما يجب أن تركز على التعاون الاقتصادي، والتنسيق الأمني، والعمل المشترك في القضايا الإقليمية والدولية.
فالتحالفات العربية – العربية، والعربية – الإقليمية والدولية القوية، يمكن أن تعزز وجودها ودورها العربي في القضايا الإقليمية والدولية.
وأن الذكاء يكمن في تحويل الأزمة إلى فرصة في مثل هكذا مرحلة، من خلال التخطيط والتنبؤ الاستباقي لما سيؤول إليه الصراع، وتحديد الأولويات العربية المهمة، واستخلاص نتائج التجارب السابقة للأحداث في غزة ولبنان وسوريا كعامل حذر، وتطوير استراتيجيات مشتركة وموحده أفضل للتعامل في المستقبل، والاستعداد للتغيير والتكيف بشكل أقوى مع الظروف الجديدة، خصوصاً مع الوضع الجديد الذي سيطرأ في المنطقة.
إن كانت لا تزال تؤمن بواحدية المصير والقواسم المشتركة !

تعليقات