منبر حر لكل اليمنيين

هل الانتقالي والحوثي بمستوى واحد؟!

همدان العليي

همدان العليي::

أي يمني يساوي بين الحوثيين والمجلس الانتقالي، عليه أن يدرك أنه لا يعرف الحوثيين حتى هذه اللحظة.. لأنه ما يزال يتعامل مع الحوثية بوصفها طرفا سياسيا عاديا، لا بوصفها مشروعا أيديولوجيا عنصريا يستهدف الإنسان والدولة وحتى الإسلام نفسه. هذا النوع من الأحكام غالبا ما يصدر بوعي “مراقب خارجي” يلتقط التشابهات السطحية ويتجاهل الجوهر.
نعم.. يمكن رصد تشابهات في بعض الأدوات أو الخطوات السياسية بين الحوثي والانتقالي، لكن تحويل هذه التشابهات الجزئية إلى مساواة كاملة هو خلل منهجي، لأن التشابه في الأدوات والوسائل لا يعني التشابه في الجوهر أو الطبيعة.
هذا المنطق السطحي نفسه لو طبق على منظومات فكرية أو دينية، لأنتج استنتاجات عبثية غير منطقية.

هناك فوارق جوهرية بين الحوثي والانتقالي، ويمكن تلخيص بعضها عبر هذه الأسئلة:
هل يعمل المجلس الانتقالي على تغيير عقيدة الناس الدينية أو إعادة تشكيل وعيهم المذهبي؟ قطعا لا.
هل تقوم قيادته على قاعدة سلالية مغلقة تدعي اصطفاء إلهيا ونقاء خاصا يمنحها حق الحكم وامتلاك رقاب الجنوبيين، وتنتج بذلك نظاما عنصريا إقصائيا؟ قطعا لا.
صحيح أن الانتقالي يمارس العنصرية ضد الشماليين نتيجة موقف سياسي وستنتهي هذه العنصرية بمجرد انتهاء الموقف السياسي، لكن السلالة الحوثية تمارس العنصرية وفق منطلقات دينية وهم ينظرون بأن رفضها كفر يستحق الإهلاك والسحق.. وهذا فهم خاطئ للدين عمره 1400 سنة. السلالي في شمال اليمن يمارس العنصرية ضد جاره منذ أن جاء من خارج اليمن قبل 1200 سنة.. لديه كتب ومؤلفات وعلماء ومذاهب تشرعن له هذه العنصرية العرقية.. فهل يستويان؟!
هل الانتقالي يحمل مشروعا عابرا للدول كما عصابة الحوثي التي ترى نفسها قائدة الإمة الإسلامية وفق منهجية دينية كهنوتية مستمرة منذ حوالي 1400 سنة حتى اليوم؟!

كلامي أعلاه لا يعني أننا لا نختلف مع الانتقالي اليوم.. بل الأمر كذلك. الانتقالي يتصرف بطريقة كارثية تدمر كل شيء وتسلم اليمن شماله وجنوبه للحوثيين ويعرض شبه الجزيرة كلها للخطر ويجب الوقوف إلى جانب الدولة والأشقاء العرب لكبح هذا التهور.
لكن القول إنه في المستوى نفسه مع الحوثي فأمر لا يستقيم، لوجود الفرق بين المكون السياسي الذي قد تختلف معه مع امكانية التعايش، وبين المشروع الأيديولوجي السلالي القديم والمغلق والذي يستهدف وجودك كانسان صاحب حقوق مختلفة على رأسها “المساواة”.

الحقيقة الواضحة..
لا شيء يشبه قبح الحوثية أبدا.. ومساواتها بغيرها تسطيح يظلم الضحية ويحرف البوصلة ويصور الجريمة وكأنها مجرد “رأي سياسي مخالف”.

تعليقات