منبر حر لكل اليمنيين

الأحداث الأخيرة.. حضرت البندقية وغاب اليمن

محمد عبده الشجاع

محمد عبده الشجاع::

حضر في أحداث المنطقة الشرقية كل شيء، عدا اليمن الكبير، غاب تماماً ومعه غابت الأطراف المعنية بمصير البلاد، إلا من تصريح يتيم لمحافظ تقلد المناصب للتو أبدى فيه كل مفردات البرجماتية والدبلوماسية العالية.

ارتال الانتقالي حضرت هي الأخرى بصفتها المناطقية وهويتها المنقسمة وليس برؤيتها السياسية وما ينبغي عليه أن تكون الحياة.

كانت فكرة الانتصار حاضرة من خلال مشاهد تعيد إلى الأذهان صورة الإنسان الأول، فيما بدا الوسطاء غير معنيين باكثر من استكمال مشهد يتم رسمه وفقا لسيناريوهات السنوات العجاف والمشاورات التي تبدو كل عام بلا ملامح.

المجلس الرئاسي غاب تماماً، الاعضاء اختفوا، مجلس النواب السلطة التشريعية الأولى استسلمت  لعواصف الشتاء وهي التي لم تستطع مواجهة حرارة الصيف، الحكومة ايستغمعنية بغير المخصصات والجرد السنوي للتعينات لا أكثر.

النخب السياسية بمختلف مسمياتها واكبت التشظي كما لو أنها تتابع فيلما فقد فيه البطل حبيبته في يد عصابة بعد تعرضه لجرح مميت، على الضفة الأخرى كان فريق يرفع شعارات الوطنية التي كانت حاضرة بقدر حضور النفوذ فيما غاب المشروع الوطني الجامع في أروقة الانتظار؛ ثمة مولود في الطريق لا اظنه بنتًا ولا ولدا.

المحصلة العامة تقاسم النفوذ أم استعراض القوة؟ أم خلق بؤر جديدة من التشظي؟ إهانة الثوابت والحامل لها وهو الفرد الذي يعتبر الحلقة الأضعف منذ خمسة عشر عاماً، لأن الذي يدير المشهد هم القيادات، وهم من يقفون خلف كل عبث وأول القافزين بعيدا عن الهدف.

ما يحدث هو إمتداد طبيعي لخطاب مأزوم، وتدافعٍ غير محسوب العواقب، وتأجيج مخيف على حساب القيم والعلاقات الاجتماعية والتعقيدات التي كانت تحتاج لتفكيك حذر، وخذلان لمؤسسات الدولة التي تعرضت للتنكيل والتغييب.

تحمل المسؤولية الأخلاقية من قبل القيادات الحالية والتحالف العربي بقيادة السعودية ليس فقط فيما جرى في المناطق الشرقية وحسب وانما في كل مناطق اليمن، بما فيهما الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي الإرهاببة.

لذا فإن الأخلاق لا تتجزأ والالتزام بتأطير المشهد بما يسمح لكافة القوى الراغبة بالوئام وعملية السلام، من قبل التحالف العربي؛ أمر بديهي، لتعويض الكساد الذي مرت به المباحثات خلال عشرة أعوام وايقاف تهديدات البحرين العربي والأحمر والممرات الدولية، من التدفق لكمية أسلحة مهولة تقليدية ونوعية، وعصابات الاتجار بالبشر وهي قنبلة موقوتة، وأطنان من المخدرات التي تحاصر اليمن والخليج، وسموم ومخلفات يتم دفنها في السواحل المتاخمة.

الأوضاع الاقتصادية وتراجع المساعدات الإنسانية في الشمال تنذر بكارثة، ملايين المواطنين في العراء بدون مأوى، نازحين، الفقر بلغ مستويات عالية، والأطراف المتصارعة ما تزال بعيدة عن أي مسؤولية.

اليوم مليشيا الحوثي وهي الجماعة التي أفرزت معظم هذه العلل لا تعي حجم المسؤولية التي تقع على عاتقها كسلطة وكمشروع سياسي فاشل محشو بالطائفية وكل أشكال العنصرية والأفكار الحاملة لكل أدوات التفتيت.

والسؤال هنا. متى يحضر اليمن وتغيب كل تلك الماسي ونردد معا: يا سماوات بلادي باركينا .. وهبينا كل رشد ودعينا.. نجعل الحق على الأرض مكينا.. أرضُنا نحن أضأنا وجهها وكسونا أفقها صبحاً مبينا!

تعليقات