زرتك أول من أمس في المستشفى وكنت أريد أن أقول لك أنني عند خروجي من سجن القلعة كان بي رغبة في السفر إلى الحديدة وكنت بحاجة إلى خمسين ريالا وبعد أن عجزت في الحصول على المبلغ تذكرتك لكني استحيت وخجلت ولم أجرؤ أن أمر عليك في شارع القصر الجمهوري واطلب منك، أيامها كنت ما زلت موظفا مع” توني بس” لكني كنت على يقين بأنك لن تردني خائبا.
يومها أرسلت لك رسالة مع شخص لم أعد أذكر من هو وأعطيته الخمسين الريال ولم تكن يومها تعرفني ولا أنا أعرفك.
وكنت أريد أن أقول لك أنه بعد ذلك بسنوات وبعد أن تخرجتُ من الجامعة وتزوجت وأحضرت زوجتي من القرية كنا مثل الأحجور ومثل البدو الرحل ننتقل من بيت إلى بيت ولكثرة ما عانينا من المؤجرين كان من حقنا ان نحلم ببيت نستقر فيه، لكننا لم نكن نجرؤ أن نحلم وذلك لأن الحلم كان عملا صعباً وكان بنا خوف من الأحلام.
ثم عندما سمعت بأن بنك الإسكان لديه مشروع بناء مدينة سكنية في حدة للموظفين وذوي الدخل المحدود، لم أجرؤ أن أتقدم واسجل فقد كان كل ما أملك هو سبعة الاف ريال والبنك يريد سبعة وعشرين ألف ريال قيمة الأرضية، وعندها تذكرتك وجئتك وطلبت منك أن تضمنني في البنك بعشرين الف ريال وضمنتني ثم حين طلب منا البنك مبلغ ثلاثين الف ريال من قيمة البيت قبل أن نتسلمها جئتك ثانية وضمنتني بالمبلغ وانتقلنا إلى المدينة السكنية في حدة وصار الحلم واقعا ولك الفضل.
هذا ماكنت أريد أن أقوله لك حين زرتك في المستشفى، لكنك كنت قد رحلت وذهبت بعيدا، كانت روحك حينها في حالة صعود وعلى وشك ان تلامس الخلود.