رغم تحذيرات برنامج الأغذية العالمي من “مجاعة صامتة” في مناطق سيطرة الحوثيين، إلا أن تجميد عمليات الإغاثة كشف أحد أهم مصادر تمويل الميليشيا على مدى السنوات الماضية.
فالمساعدات الدولية التي كانت تُرسل باسم “المدنيين المحتاجين” تحولت في الواقع إلى شريان اقتصادي رئيسي يغذي آلة الحرب الحوثية، عبر السيطرة على التوزيع، وفرض الإتاوات على المنظمات، وإعادة بيع المواد الإغاثية في السوق السوداء.
منذ 2015، وثّقت تقارير أممية وإعلامية واسعة عمليات نهب ممنهجة للمساعدات الإنسانية، إذ كان الحوثيون:
يستولون على نسب ضخمة من المواد الغذائية لتوزيعها عبر ما يسمونه “الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية”، وهي جهاز تابع للجماعة.
يبيعون المساعدات في الأسواق لتمويل الجبهات ودفع رواتب عناصرهم.
يستخدمون بطائق الإغاثة كسلاح سياسي، حيث تُمنح للأسر الموالية للجماعة وتُحرم منها المناطق المعارضة.
يفرضون قيوداً أمنية وإتاوات مالية على حركة المنظمات الدولية، ويحتجزون العاملين فيها كورقة ضغط.
وبذلك، فإن توقف برنامج الأغذية العالمي عن العمل في مناطق الحوثيين لم يكن كارثة إنسانية فحسب، بل ضربة اقتصادية مباشرة لشبكة التمويل الحوثية التي كانت تتغذى من المساعدات الدولية باسم الفقراء.
وفي حين يصوّر إعلام الجماعة والمنظمات الأممية الأمر كأزمة “وصول إنساني”، فإن الواقع أن المجتمع الدولي بدأ يدرك خطورة استمرار ضخ المساعدات دون رقابة، لأنها كانت عملياً تُستخدم في:
تمويل الحرب وإطالة أمدها؛
تبييض الأموال عبر شركات وهمية مرتبطة بقيادات حوثية؛
تقويض الاقتصاد الرسمي في مناطق الحكومة الشرعية.