لم يعد في الأمر ما يدعو للاستغراب، أن ترى حازب لا يزال يتكئ على إسم حزب جُرح حتى العظم، ويجلس في صفوف حزب المؤتمر الشعبي العام كأن شيئاً لم يكن، كأن الطعنات التي وجهها للحزب لم تكن سوى نزهة فكرية، وكأن الخيانة وجهة نظر تقبل النقاش وربما العفو، شخصية مازوخية الطبع، ترتاح للذل كما يرتاح الأسير لأغلاله، يقدس العبودية في زمن خرج فيه الجميع من عباءة الذل الا هو، وهنا أتساءل كما يتساءل كل من في قلبة ذرة وفاء لهذا الحزب العظيم، كيف بقي هذا الرجل بيننا؟ كيف نأمن من سلم أسرار البيت وتآمر على أهله، أنه جُرح مفتوح في ذاكرة المؤتمر، وعار يجب أن تطوى صفحته قبل أن يُدفن.
وكأن الحكاية لا تريد أن تنتهي، وكأن التاريخ يُصر على أن يمد رأسه من تحت الركام ليذكرنا بأن بعض الوجوه التي ظنناها منا، لم تكن يوماً إلا كمائن متحركة تنتظر لحظة الانقضاض، في كل حزب عريق ثمة خائن يتقن فن التمويه، يتظاهر بالولاء كما يتظاهر اللص بالغيرة على بيت يسرقه، ذلك هو حسين حازب، صورة تذكارية للخيانة في ثياب الحريص، نموذج نادر لمن تمرس على الازدواجية حتى صار يجيد التلاعب بالعبارات كما يتلاعب الثعلب بآثار أقدامه بعد المطر.
لم يكن الرجل يوماً مؤتمرياً بالمعنى الذي نحمله نحن في صدورنا، كان مندساً في الجسد مثل شوكة مغطاة باللحم، ينتظر أن تنضج اللحظة ليبدأ تمزيقها من الداخل.
منذ البداية كان ينسج خيوط الولاء الخفي للحوثي، يمهد لتفكيك الحزب قطعة قطعة، يُربت على الأكتاف بيد، ويكتب التقارير باليد الأخرى، كان يعمل على تسكين الوعي داخل المؤتمر، وعلى إفراغه من صلابته الفكرية، حتى إذا جاءت ساعة الحقيقة سقطت الأقنعة كلها دفعة واحدة، وظهر وجه التبعية بكل ما فيه من وقاحة.
حسين حازب لم يكتفي بخيانة رفاقه، أراد أيضاً السيطرة على الحزب نفسه، وأن يصبح أداة في يد العصابة الحوثية التي لا تؤمن إلا بالعبودية والجهل والتبجيل القسري، يتحدث باسم المؤتمر أحياناً، لكنه لا ينطق إلا بما يُملى عليه من صعدة، يظن أن بإمكانه إعادة تشكيل الحزب على مقاس سيده، وكأن حزباً تأسس بدماء الرجال يمكن أن يُدار من وراء ستار من المهانة.
المؤتمر بالنسبة لحازب ليس بيتاً ولا فكرة ولا إرثاً، مجرد منصة مؤقتة ليتسلق منها نحو رضا السادة في الكهوف، حيث تُوزع المناصب كما تُوزع النعاج في موسم الذبح، خان الحزب، خان الزعيم، خان الرفاق، ومن ضمنهم الأمين العام غازي الأحول الذي يحاول أن يكون بديلاً عنه بايعاز حوثي، وبدلاً من أن يُحال للدائرة التنظيمية أو القانونية يسعى لأن يُكافئ بمنصب مرموق في الحزب.
إنه الوجه السياسي لأقذر عملية اختراق حزبي في تاريخ اليمن الحديث، أداة لتدمير إرث الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح من الداخل، وإعادة تشكيل المؤتمر كظل باهت في خدمة مشروع طائفي صغير.
من المؤسف أن يظل حازب حتى اللحظة متدثراً بلقب مؤتمري، وهو أقرب إلى مفوض حوثي منه إلى عضو في الحزب، حسين حازب رمز لسقوط أخلاقي ينبغي أن يُقرأ بعناية، وينبغي أيضاً ألا يبقى هذا الاسم في سجلات الحزب الذي تأسس على رفع راية الجمهورية والحرية، لأن الحزب طُعن من خاصرته، وبقيت الطعنة تنزف حتى اللحظة.
لذا وكواجب تنظيمي لابد من محاسبته واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، لإنقاذ ما تبقى من المعنى، فلا يمكن لحزب قام على مقاومة الاستعباد أن يسمح لعبد بالبقاء في صفوفه، ولا يمكن لبيت شُيد على كرامة الرجال أن يُفتح بابه لمن أضاع كرامته عند أقدام الجلاد.
بلا شك بأن حسين حازب يُعد درس قاسي في معنى أن يكون العدو أحياناً تحت سقفك، يشاركك الشعار ذاته، ويعد لك الهزيمة باسم الواقعية والعقل، ولن يُشفى المؤتمر من جراحه ما لم يتخلص من هذه الزوائد الطفيلية التي تمتص روحه باسم المصلحة، فمن خان مرة، خان ألف مرة، ومن باع نفسه للذل، سيبيع الحزب بأرخص مزاد.