يمر حزب الله بأضعف مراحله منذ نشأته، ليس من الناحية العسكرية وحسب بل من حيث البيئة الداخلية والشرعية السياسية في الداخل اللبناني الحزب فقد جزءاً كبيراً من شعبيته بين اللبنانيين حتى في بيئته الشيعية هناك تململ واضح بسبب الأزمة الاقتصادية وانهيار الدولة واتهام الحزب بأنه السبب الرئيسي لعزلة لبنان..
وانهياره الاقتصادي ولاشك ان العقوبات الأمريكية والدولية ضيّقت عليه منابع التمويل، وقلّصت من قدرته على “شراء الولاءات” داخلياً وحتى اقليميا المشروع الإيراني يترنح، وساحات النفوذ في (سوريا، العراق، اليمن) باتت مكلفة أكثر من كونها أوراق ضغط بالمحصلة ما تبقى للحزب هو قوة السلاح داخل لبنان، وعلاقته المباشرة بإيران، لكنه لم يعد يمتلك “مشروعاً جذاباً” داخلياً أو قدرة على الاستعراض كما كان في 2006 على سبيل المثال ولكن لماذا دعوة نعيم قاسم امين عام الحزب للحوار مع السعودية في التوقيت هذا بالذات؟؟
هذه الدعوة تعكس إدراك الحزب أن زمن فرض الشروط بالقوة قد انتهى..
الحزب يحاول فتح خطوط مع السعودية لعدة أسباب هذه اهمها..
اولا.. محاولة لشرعنة نفسه داخلياً وايجاد مساحة له أمام اللبنانيين والعرب ..ثانيا لتخفيف الضغط الاقتصادي والمالي عبر بوابة المملكة العربية السعودية التي هي مفتاح الخليج الكبير .. ثالثا ارسال إشارة غير مباشرة بأن إيران نفسها مستعدة للتسوية مع السعودية وربما بالشروط التي تراها المملكة.
إذاً الدعوة ليست من موقع قوة، بل من حاجة سياسية واقتصادية ملحة كما ان رسالة الحزب تقول بأنه بدأ يتهيأ لمعادلة إقليمية جديدة، خصوصاً بعد مرحلة التهدئة بين إيران والسعودية مؤخرا والسؤال الذي يهمنا كيمنيين هنا هل الحوثي سيصل إلى هذا الوضع ؟
صحيح ان الحوثي اليوم يعيش مرحلة نشوة السيطرة في مناطق نفوذه لكنه يكرر نفس مسار حزب الله حيث اعتماده الكامل على إيران اضافة الى استخدامه للسلاح والمذهبية كوسيلة للبقاء.
توريط المجتمع اليمني في اقتصاد حرب قائم على الجبايات والتهريب والمتاجرة بالممنوعات وكل عمل يدر عليه الاموال للاستمرار ،ولكن مع مرور الوقت ومع تراكم الأزمات الاقتصادية والإنسانية، ومع انكشاف زيف ادعائه وشعاراته وارتباطه الوثيق بإيران، يفقد الحوثي كل يوم تدريجيا الكثير من حاضنته، كما يحصل مع حزب الله.. وهذا مايحدث بالفعل حاليا في مناطق سيطرته..
غير ان الفارق اليمن أفقر وأكثر هشاشة من لبنان، ما يعني أن الانهيار قد يكون أسرع وأقسى على الحوثي، وربما يصل إلى مرحلة الهوان قبل أن يصل حزب الله إليها تماماً..فلا نستبعد ان يأتي اليوم الذي يسلك الحوثي سلوك حزب الله ويطرق أبواب المملكة حتى لايفقد كل شيئ ولكن عندها سيكون قد فات الأوان كما هو حال نعيم قاسم وحزبه اليوم ، وبهذا يكون مايسمى بمحور المقاومة قد طوى صفحة من تاريخه الفوضوي والى الابد .. ولن يبقى للشعوب سوى ذكريات الاوجاع والمأسي.