الإصلاحات الدبلوماسية في مهب رياح الفساد: شايع الزنداني ونائبه في مواجهة دولة السفراء الأبديين
د. عادل الشجاع
في الوقت الذي يحاول فيه وزير الخارجية شايع الزنداني ونائبه أن يعيدا الاعتبار للعمل الدبلوماسي اليمني، عبر حزمة من الإصلاحات الجريئة التي بدأت تلامس الجرح العميق في جسد الخارجية، يصطدم هذا الحراك الوطني بجدار صلب من الفساد والمحسوبية، عنوانه العريض: مجلس القيادة الرئاسي!.
منذ سنوات، ظلت السفارات اليمنية في العواصم الدولية الكبرى مجرد مظلات لوجاهة شخصية ومصالح فئوية، وأدوات لإدامة نفوذ سياسي متهالك، بينما تهاوت سمعة اليمن دوليا، وذبل حضورها في المحافل العالمية، سفراء في لندن، وباريس، وجنيف، وموسكو، وغيرها من العواصم، تجاوز بعضهم العقد في المنصب، دون أن يقدموا شيئا ملموسًا للدبلوماسية اليمنية، سوى بيانات مكررة، واجتماعات بروتوكولية، وتحركات جوفاء تدار عبر حسابات تويتر أكثر من الواقع..
ومع هذا، يصر مجلس القيادة الرئاسي على إبقائهم في مناصبهم، وكأن البعثات الدبلوماسية تركة شخصية لا يسمح بالمساس بها، لا معايير أداء، ولا تقييم دوري، ولا اعتبارات للمصلحة الوطنية، فقط توازنات وترضيات وحسابات جهوية تغلف بالوهم..
الوزير الزنداني ونائبه يتحركان ببطء لكنه محسوب، محاولين فتح ملفات مغلقة، واستبدال وجوه شاخت في مناصبها، لكنهم يواجهون بالفيتو السياسي من فوق، من مجلس رئاسي يبدو أن ملفات التغيير المؤسسي لا تعني له شيئا، أو أنه عاجز عن مواجهة مراكز النفوذ..
لماذا يصر مجلس القيادة على إبقاء هؤلاء السفراء؟
ما هي الإنجازات التي تبرر وجودهم؟
وأين هي تقارير الأداء الدبلوماسي التي يجب أن تُعرض على الرأي العام، إن كانت هناك شفافية فعلية كما يُزعم؟.
اليمن بحاجة إلى سياسة خارجية ديناميكية، تعكس المتغيرات الكبرى في الداخل، وتدافع عن قضيته في المحافل الدولية، وترمم صورته المهشمة، وهذا لن يتم عبر سفراء الخمول واللا حضور، الذين يعيشون في رغد المنافي الدبلوماسي، فيما شعبهم يدفن تحت ركام الحرب والانهيار الاقتصادي..
إن الإبقاء على هؤلاء السفراء هو إهانة لكل دبلوماسي يمني شاب مؤهل ولكل المستحقين الذين ينتظرون دورهم منذ ٢٠١٤، وهو رسالة واضحة بأن الفساد والجمود أقوى من كل محاولات الإصلاح، وإذا لم يتحرك مجلس القيادة الرئاسي لمراجعة هذا الواقع الكارثي، فإن دعوات تجديد الشرعية ستبدو جوفاء، وسيبقى الخارج ممثلاً بأشباح الماضي، لا صوت المستقبل..
فهل سيجرؤ مجلس القيادة على كسر هذا الفساد الذي تغلغل في كل مفاصل سلطة الشرعية بما في ذلك الدبلوماسية، أم أن الإصلاح سيبقى مشروعا معلقا في وزارة الخارجية، تفشله أيادي الوصاية السياسية من فوق؟.
الكرة الآن في ملعب من يزعمون أنهم قادة مرحلة انتقالية، أما الوزير ونائبه، فقد قالا كلمتهم، ولكن من ينصت؟!