في مشهد يكشف زيف الشعارات ويفضح حقيقة ما يسمى بالمقاومة، تعرضت الحكومة التابعة لجماعة الحوثي لضربات جوية من قبل إسرائيل، ومع ذلك لم نسمع عن صاروخ واحد أطلق تجاه الطائرات المعتدية، ولا حتى تهديد جاد من صنعاء، فقط صمت مشين وتبريرات باهتة!.
فإذا كانت الجماعة تزعم أنها في محور المقاومة وأنها رأس حربة في مواجهة إسرائيل، فهل تستطيع أو تجرؤ على استهداف الحكومة الإسرائيلية ردا على الضربات؟ الواقع يقول لا، وهو ما يضع مئات علامات الاستفهام حول من يخدم من، ومن يقاتل من، ومن يتآمر على من؟.
لماذا لا يستهدف الصف الأول للحوثيين؟
أكثر ما يثير الريبة أن كل الضربات الجوية، سواء من التحالف العربي سابقا أو من الطيران الأمريكي والإسرائيلي لاحقا، دائما ما تتجنب الصف القيادي الأول في جماعة الحوثي، فلا يقتل إلا مستقلون، أو قيادات سابقة في حزب المؤتمر، أو عناصر ثانوية يستغنى عنهم بسهولة..
فهل هذه مجرد صدفة؟ أم أن هناك ترتيبا خفيا، يضمن بقاء قيادات الجماعة بعيدة عن الخطر؟ أليس هذا مؤشرا على وجود تخادم واضح مع قوى دولية، أولها أمريكا وإسرائيل، ممن يفترض أنهم أعداء الحوثيين بحسب ما تزعمه وسائل إعلامهم؟.
الحوثيون يرفعون شعار الموت لأمريكا بينما تفتح لهم مفاوضات غير مباشرة ويهتفون الموت لإسرائيل بينما يتجنبهم طيرانها وتجنب ضرباتهم مواقع القيادات الفعلية!.
أين سلاح الردع وأين الدفاعات؟
الضربات التي استهدفت صنعاء والحديدة مرت مرور الكرام، كأن لا أحد في الأرض، لا صواريخ تصدت، ولا مسيرات اعترضت، ولا حتى رادارات رصدت الدفاعات الحوثية التي ترهب البحر الأحمر وتستخدم ضد السفن التجارية، تتبخر حين يكون المعتدي طيرانا إسرائيليا أو أمريكيًا!.
فأين ذهبت تلك القدرات الصاروخية التي صدعوا رؤوسنا بها ؟ لماذا لا تستخدم إلا في قمع اليمنيين أو تهديد الملاحة؟ هل أصبحت أسلحة الردع مخصصة فقط للابتزاز السياسي والتجاري؟ كيف لجماعة تدعي نصرة غزة، أن تعجز عن الدفاع عن سماء صنعاء نفسها؟.
نصرة غزة أم خيانة اليمن؟
الوقائع أمامنا تفضح كل شيء، هذه العصابة الطائفية تتاجر بغزة، وتتقن المتاجرة باسم فلسطين، بينما تترك اليمن يستباح من الجو والبر والبحر، وتخنق شعبه بالجوع والقمع، تدعي العداء لإسرائيل بينما تغض الطرف عن قصفها، وتقدم دماء اليمنيين قربانا لبقائها في السلطة..
حقيقتها أنها ليست في محور مقاومة، بل في محور مساومة، تتلقى الحماية الضمنية من ذات الأطراف التي ترفع ضدها الشعارات، وتستخدم قضايا الأمة كغطاء لمشروعها السلالي والاستبدادي..
كل هذا الانكشاف الفاضح لم يكن ليحدث، لولا غياب الدولة الحقيقي، ولولا تواطؤ شرعية سلمت قرار اليمن وسيادته للخارج، وتركت البلاد فريسة سهلة بين براثن ميليشيا متمردة، وطيران دولي يتحكم بالأجواء، وشعب يرزح تحت القصف والخذلان..
فلا الحوثي مقاومة، ولا الشرعية دولة، ولا النخب السياسية والإعلامية نخب وطنية، بل وطن يتشظى بين خيانات الداخل وخذلان الخارج..