منبر حر لكل اليمنيين

نضال الساسة من المنافي.. أحمد علي عبدالله صالح بين صمت المنفى ونداء الوطن

أحمد علاية

منذ عقود طويلة ارتبط التاريخ السياسي للشعوب بقصص قادة اضطروا إلى مغادرة أوطانهم تحت ظروف قاهرة لكنهم من المنافي أسسوا لحركات تحرر وأعادوا صياغة مصائر شعوبهم من تونس إلى الجزائر ومن جنوب إفريقيا إلى فلسطين ظلّ المنفى محطة للنضال لا نهاية للمشروع الوطني.
اليمن اليوم يقف عند مفترق طرق مشابه حيث يجد ملايين اليمنيين في العميد أحمد علي عبدالله صالح رمزًا لقائدٍ يمكن أن يخرجهم من هذا التيه السياسي والعسكري ويعيد إليهم الثقة بأن المستقبل ما زال ممكنًا.
أحمد علي… من البرلمان إلى الحرس الجمهوري
لمع اسم أحمد علي منذ أن كان نائبًا في مجلس النواب ليس فقط بصفته نجل الرئيس بل لتميزه بالاتزان والهدوء والقدرة على استيعاب الخصوم وبعدها اتجه إلى السلك العسكري حيث تدرج حتى أصبح قائدًا للحرس الجمهوري في تلك المرحلة شهد له القادة والجنود بالكفاءة والانضباط وكانت وحداته العسكرية تُعد الأكثر جاهزية وتنظيمًا حتى في أشد اللحظات صعوبة.
هذا الحضور العسكري عزّز صورته كقائد ميداني ورسّخ مكانته في أذهان اليمنيين باعتباره امتدادًا لتجربة والده الزعيم علي عبدالله صالح.
لم يكن استبعاد أحمد علي من المشهد السياسي أمرًا عابرًا بل جاء ضمن مخطط إقصاء متعمد فبعد إقالته من قيادة الحرس الجمهوري عُيّن سفيرًا لليمن في الإمارات لكن سرعان ما جرى التعامل مع هذا المنصب كمنفى دبلوماسي ومع اندلاع الحرب لم يسلم من الاستهداف الإعلامي والسياسي بل وُجّهت إليه العقوبات الدولية في محاولة لإخراجه نهائيًا من المعادلة.
لكن المدهش أن هذه الإجراءات لم تُضعف حضوره في الوجدان الشعبي بل على العكس جعلته أكثر حضورًا كرمز مغيّب قسريًا. فاليمنيون الذين رفعوا صور والده في تعز وصوره هو في مأرب وأعلام المؤتمر في المخا إنما وجّهوا رسالة واضحة: “نحن ننتظر القائد الذي يجمعنا”.
عندما نتأمل تجارب قادة القرن العشرين نجد أن المنفى لم يكن نهاية بل بداية لمسيرة جديدة:
الحبيب بورقيبة قاد حزبه من الخارج حتى عاد ليؤسس الدولة التونسية الحديثة.
أحمد بن بلة ورفاقه خططوا للثورة الجزائرية من المنافي قبل أن يعودوا قادة للدولة.
هذه النماذج التاريخية تعطي رسالة مفادها: أن وجود القائد خارج وطنه لا يعني غيابه عن دوره بل قد يكون مقدمة لعودة أكثر قوة وشرعية.
اليمن يمر اليوم بلحظة تاريخية لا تحتمل الصمت الحرب أنهكت الجميع والمؤسسات تآكلت والثقة بين الشعب وقياداته السياسية تراجعت وسط هذا المشهد يقف اسم أحمد علي كخيار شعبي حاضر في الشارع ورمز قادر على أن يوحد صفوف المؤتمر بل ويجمع حوله شرائح واسعة من اليمنيين الباحثين عن قيادة وطنية.
لذا أي دعم سيحظى به هذا الرجل من قبل النخب السياسية اليمنية ودول الأشقاء والاقليم والمجتمع الدولي يمثل رافعة للمشروع الوطني ككل واستعادة البلد ومؤسساته وتحريرها من الفوضى والعبث، هذا الدعم سيوفّر له ولبقية القيادات الوطني الفاعلة مساحة آمنة للعمل والتحرك ويمنحه فرصة تاريخية للعودة متى قرر أن يستجيب لنداء شعبه.
إن الذين يهتفون باسم أحمد علي اليوم، لا يستدعون ماضيًا مضى بل يستنجدون بمستقبلٍ يفتقدونه والذين يرفعون صور والده لا يفعلون ذلك مجرّد وفاء بل لأنهم يرون فيه امتدادًا لقائدٍ وحد اليمن ثلاثة عقود.
لقد أثبت التاريخ أن الصمت في لحظات التحول الكبرى ليس خيار القادة بل خيار العابرين. أما القادة الحقيقيون فصوتهم حياة لشعوبهم واليمن اليوم ينادي أحمد علي عبدالله صالح أن يكون الصوت والراية ليُكتب اسمه في الصفحة القادمة من تاريخ هذا الوطن.
تعليقات