منبر حر لكل اليمنيين

حتى لا تُجهض الإصلاحات: لماذا يحتاج بن بريك إلى خطة معلنة تُلزم الجميع؟

د. عادل الشجاع

يقود رئيس الحكومة، سالم بن بريك، مرحلة مفصلية في تاريخ الشرعية من خلال مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الجريئة التي يمكن وصفها دون مبالغة بـ”ثورة إصلاحية”، تهدف إلى تصحيح مسار الاقتصاد الوطني، وإنقاذه من أزماته البنيوية المتراكمة..

في زمن اعتادت فيه حكومات الشرعية تتردد أمام اتخاذ قرارات مؤلمة لكنها ضرورية، اتخذ بن بريك موقفا شجاعا، واضعا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ومتبنيا خيارات إصلاحية تطلبت الكثير من الجرأة السياسية والوعي الوطني، فقد بدأت حكومته في معالجة الملفات المعقدة مثل، الفساد المالي، وهدر المال العام، هذه الإجراءات وإن لاقت مقاومة في بعض الأوساط، فإنها تمهد لوضع أسس اقتصاد متوازن، منتج، وعادل، وعليه أن يركز أيضا على تضخم الجهاز الإداري والتلاعب بالإرادات..

إن النجاحات الجزئية وحدها لا تكفي لضمان ديمومة هذا المشروع الوطني الطموح، فلكي لا تذهب هذه الجهود هدرا، يجب تحويلها إلى رؤية شاملة واضحة المعالم، تترجم عبر برنامج عمل وطني موحد تلتزم به جميع الوزارات والمؤسسات، ويتابع تنفيذه بشكل منتظم وشفاف..

هذا البرنامج ينبغي أن:
1.يحدد الأهداف المرحلية والاستراتيجية بدقة.
2.يرسم المسؤوليات بوضوح لكل وزارة ومؤسسة.
3.يتضمن مؤشرات أداء قابلة للقياس.
4.يُعرض للعموم من خلال منصات رسمية تتيح للمواطنين والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والحقوقيين الرقابة والمساءلة والدعم..

فبدون خطة معلنة يمكن تتبعها، ستبقى الإصلاحات رهينة الأفراد، وعرضة للتشويه أو التراجع مع تغير الظروف، لكن وجود برنامج وطني، سيكون الضامن لاستمرارية المشروع الإصلاحي، وسيحوله إلى ثقافة دولة، وليس مجرد مبادرة حكومية مؤقتة..

إن الإعلاميين والحقوقيين والمواطنين لا يطلبون الكثير، فقط وضوح الرؤية، وشفافية التنفيذ، حتى يكونوا دعما فاعلا لا عبئا معطلا، ويشعر الجميع أنهم شركاء حقيقيون في مسار الإنقاذ الوطني..

إن ما يقوم به رئيس الحكومة بن بريك اليوم، من خطوات إصلاحية، هو فرصة تاريخية نادرة، وعلينا جميعا أن نحميها، نواكبها، ونقومها، عبر الانخراط المسؤول، والدعم العقلاني، والمراقبة البناءة..

فالثورات لا تنتصر فقط في الشارع أو البرلمان، بل أيضا في وضوح البرامج، وصدق التنفيذ، ووعي المواطن..
.

تعليقات