منبر حر لكل اليمنيين

طيفٌ أعزل

شعر/ أحمد عباس

مُذْ كُنْتُ فِي بَطْنِ أُمِّي
مُضْغَةً وَدَما
وَكُلُّ شَيءٍ يُسَمِّي نَفْسَهُ نَدما

وَعِنْدَمَا جِئْتُ لِلدُّنْيَا تَلَقَّفَنِي
فْلَاشُ هَاتِفِهَا الْآيْفُون
وَابْتَسَمَا

صَاحَبتُ هَاتِفَ أُمِّي
وَاسْتَعَضْتُ بِهِ
عَنِ الْحَنَانِ الَّذِي فِي قَلْبِهَا انْعَدَمَا

طيفُ التوحّد سمّاني وقبّلني
وسيفكُم قطّع الآهاتِ
والتحما

سَمِعْتُ ضَجَّةَ هَذَا الْكَونِ فَارتَعَدَتْ
فَرَائِصِي، أَيُّ أَرضٍ أَنْتِ؟ أَيُّ سَمَا؟

أَحيَا وَحِيدًا وَأَصوَاتُ الوَرَى صَخَبٌ
كَأَنَّنِي تُوأمٌ لِلصَّمْتِ وَانقَسَمَا

لَمْ أَسْتَسِغْ لَحظَةً
فِي الْقُبحِ وَاحِدَةً
لَكِنَّنِي عِشتُ
مَنْبُوذًا
وَمُتَّهَمَا

يُقَالُ عَنِّيَ بِأَنَّ الْمَسَّ أَرهَقَنِي
وَأَنَّ شَيخًا مِنَ السُّودَانِ قَدْ رَسَمَا

أَبِي يَئِنُّ: “أَتَى طِفلٌ بِلَا لُغَةٍ
وَلَنْ يَكُونَ لَنَا سَيفًا وَلَا قَلَمَا!

وَإِخوَتِي كَمْ تَوَارَوْا عَن جَمَاعَتِهِم
كَأَنَّنِي كُنْتُ مَجدًا
ضَاعَ وَانهَدَمَا

كَم ذَابَ صَوتِي بِأَعمَاقِي
فَمَا نَطَقَت
شِفَاهِيَ البِيضُ
حَرفًا يُشرِحُ السَّقَمَا

أُحِبُّ تَرْتِيبَ أَشيَائِي
أُلَازِمُهَا
لَمْ تَزدَرِينِي
وَلَم أُورِثْ لَهَا نَدَمَا

وَكُلُّ أَلعَابِيَ الْأُولَى تُحَمِّسُنِي
كَأَنَّمَا أطْلَقَت فِي الْغَيْبِ لِي قَسَمَا

“أَبكِي وَأَضحَكُ”
لَا أَدرِي بِأَيِّهِمَا أُخَفِّفُ الْحُزْنَ
أَمْ أُبْقِيهِ مُحتَدِمَا؟

تَنَمَّرُوا وَاسْتَفِزُّوا
أَنْكِرُوا صِلَتِي
لَكِنَّ قَلبِيْ
عَلَى الْإِبحَارِ قَد عَزَمَا

تعليقات