تابعت باهتمام، كثير من الردود حول حكم الاعدام الصادر بحق نجل الرئيس السابق العميد/ أحمد علي عبدالله صالح وقد جاء كثير منها إيجابي، حيث اعتبروا أنه عمل ارهابي صادر عن جماعة إرهابية.
اللافت الذي استوقفني وهو حديث قديم جديد ما تم طرحه من قبل البعض وسأتوقف أو سأكتفي بحديثي الاستاذ غائب حواس والدكتور عادل الشجاع لأنهما أكثر إدراكا من غيرهم بالحالة اليمنية التي تم تفكيكها منذ خمسة عشر عاماً بصورة غير قابلة للطي والتعقيدات وضرورة احترام قرار الرجل في مسألة خوض معركة من عدمها ومتى وكيف؟
لم يكن العميد أحمد يوما كل المشكلة وتحديدا من بعد خروجه من السلطة وتسليم قيادة الحرس الجمهوري بل ومن البلاد برمتها ولن يكون كل الحل وهذه بديهية طبيعية لا تحتاج إلى التذكير، كما أن المعركة الوطنية مع جماعة الحوثي بالعقل والمنطق تحددها كافة القوى وأصحاب القرار ورجال الله الابطال، وهي معركة لا تخص الجانب العسكري وحسب بل الجانب الأمني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإعلامي لأننا أمام خصم لئيم وبشع، فأين الشرعية من كل هذا؟ ما هي الأدوات؟ وأين النخب؟ وزراء وقادة وخبراء ولجان مهمتها استراتيجية وإعداد الخطط، وقد أكد العليمي أن لديهم خطة لإدارة البلاد بعد السقوط.
الخيارات كلها مفتوحة أمام الشرعية فماذا فعلت مقابل ارهاب الحوثي وتصلبه وانتهاكاته؟ كم قدمت من حلول اقتصادية؟ لذا لا تطلبوا من الرجل خوض معركة أنتم تعلمون أنها ليست موجودة، الحسابات الدولية حاضرة وكذلك التدخلات بالإضافة للتكتلات الداخلية الملتوية.
هل من العدالة أن نوجَّه رجل معزول خارج البلاد من أكثر من ثلاثة عشر عاما فقد كل الامتيازات نتيجة الأحقاد والصراع والتعبئة قبل أن يفقد أعز ما لديه والده وأمين عام الحزب الزوكا وممتلكاته وتم قصف منازله واعتقال اخوانه واولاد عمه وبعض الأقرباء والأصدقاء وربما الزملاء، لخوض معركة ليس لها ملامح.
هل على أحمد علي عبدالله صالح أن يدفع نفس الثمن الذي دفعه والده من أجل تصحيح مسار منفلت عززته ثقافة الأنانية بالفوضى ومزيد من الأحقاد ونعومة المجتمع الدولي والأمم المتحدة ورياض اطفال الأشقاء.
ثمة فرضيات كثيرة ومواجع أكثر لا نريد الخوض فيها ولا نريد أن نسوقها هنا حتى لا يعدها البعض على أنها تبرير، فما جرى من قبل كيانات أنهكت المشهد حد الموت ليس بالأمر القليل، وكثير من الأخطاء الجمعية التي ترتبت نتيجة صراع طويل.
وهنا لا بد من توضيح نقطة مهمة وهي الحياد الذي التزمه العميد أحمد علي عبدالله صالح الرجل صحيح أنه ترفع عن معارك الدم لأنه صاحب مسؤولية ولا زال ولا يحمل مشروعا فكريا وعقلا مجنونا طائشا كي يُتوجّهما بنزق اللحظة ورغبة طرف معين حتى يفجر معركة عدمية، وليس لديه أيديولوجيا يقاتل من أجلها أو قضايا تاريخية وأنساب وسلالات وولاية وخلافة.
ولذا فإن هناك فارق بين من ينطلق من محددات وطنية وقيم إنسانية ومحاذير قد يقابلها تسرع وانحدار والتاريخ لا يرحم ابدا والشخصية اليمنية لم تعد تقوى على دفع فاتورة باهظة إضافية ينتهي بها الحال إلى التسوية أو النسيان بعد خراب مالطا ورحيل الأرواح.
أحمد علي على الحياد هنا لكن موقفه واضح من هذه الجماعة ضمن موقف أسرته كاملة وله قنواته ووسائله التي يحاول من خلالها قبل العقوبات وبعدها وقبل حكم الاعدام وبعده ولا تحتاج إلى توضيح..
أنا هنا أناقش بعين المتابع وليس المدافع لأن سقوط الجماعة يهمني اكثر من أي شيء آخر، ولا يوجد عندي أي مانع من أن يقوم أحمد علي من يوم غد بخوض معركة مصيرية مع هذه الجماعة وسوف اكون أحد جنوده أو جندي مع أي قائد أو طرف صادق لكن الإشكالية اليوم حتى أبسط مواطن يكره هذه الجماعة غير مستعد خوض معركة ليس لها طرف ولا قيادة صادقة، ولو قدر أن توحدت الجهود اقسم أنني سأذهب إلى المعركة دون تردد لأدافع عن البلد الذي عشنا فيه أيام حلوة ومرة البلد الذي ينتظره أبناؤنا بشغف دون علمهم بما جرى له قبل أن يكبروا
ثمة أرواح ضاعت واحلام تبخرت وطموحات تحولت إلى رذاذ فمن يتحمل المسؤولية.
المعركة قادمة وهي مصيرية بين اليمنيين بكل أطيافهم ومذاهبهم وبين جماعة لئية لا تقيم وزناً لأي يمني، وهي جاهزة لأن تقتل أحمد أو محمد أو طه أو سعيد أو غالب إذا لم يكن خاضع لها كل الخضوع راكع بين البطنين ذليل.
قبل أيام ناقشنا موضوع الفيلم الوثائقي في جروب أصدقاء ونحن دائما ما نناقش باستفاضة ونطرح الآراء كما لو أننا في مجلس النواب ونطرح النكات أيضا لكسر حاجز السياسية وقراءة الأحداث، أحدهم تطرق لمعركة صالح لو تمت يوم الاحتفال بذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام فقلت له:
“الذي يعيش في امستردام ليس كالذي خالته فرنسا” واعتبرت نكت سياسية مقبولة، بمعنى الذي يده في النار ليس كالذي يده في الماء.
الله غالب