منذ مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على يد جماعة الحوثي في ديسمبر 2017، التزم نجله، السفير والقائد العسكري السابق أحمد علي عبدالله صالح، الصمت، محافظًا على مسافة محسوبة من الصراع الداخلي في اليمن, قدم نفسه كقائد عسكري يتجاوز العواطف الشخصية، وحرص على إظهار الانضباط وعدم الزج بنفسه في صراعات قد تفتت ما تبقى من قوى الشرعية ومكونات اليمن السياسية..
فأحمد علي، رغم امتلاكه رصيدًا شعبيًا واسعًا داخل الحرس الجمهوري سابقًا، لم يستخدم هذا النفوذ للثأر عقب محاولة اغتيال والده في دار الرئاسة عام 2011، كما لم يحرك ساكنًا بعد مقتل والده على يد الحوثيين، متذرعًا بالحفاظ على وحدة الصف ضد مشروع الانقلاب، ورغبة في عدم تأجيج خلافات داخل معسكر الشرعية الهش والمفتت أصلًا..
غير أن جماعة الحوثي – في تطور يكشف عن نواياها الحقيقية – لم تكتفِ بما حققته من توسع وهيمنة على مفاصل الدولة ومؤسساتها، بل بدأت مؤخرًا بمحاولة تصفية الحساب مع شخصيات بعينها، من بينها أحمد علي، فالأحكام القضائية الصادرة بحقه، والملاحقات الإعلامية والسياسية التي تطاله، لم تعد تُقرأ إلا في سياق دفعه دفعًا إلى مربع المواجهة، وإجباره على الخروج من صمته وتحطيم غلاف الحياد الذي ظل يتدثر به لسنوات..
الحكم الحوثي الأخير، الذي يتضمن مصادرة أموال أحمد علي، والحجز على ممتلكاته، بل وإصدار أحكام غيابية بحقه، لا يمكن قراءته إلا كإعلان حرب سياسية وشخصية، فالجماعة، التي تمعن في التنكيل بخصومها، تعي تمامًا أن أحمد علي، رغم صمته، لا يزال يمثل تهديدًا معنويًا وشعبيًا كبيرًا داخل الأوساط العسكرية والقبلية، خصوصًا تلك التي لا تزال تكنّ الولاء للرئيس الراحل صالح..
وهنا، تتغير المعادلة، فالصمت لم يعد كافيًا، والحياد لم يعد ممكنًا، جماعة الحوثي في سلوكها هذا، تدفع بأحمد علي إلى حافة المواجهة، وتجرده من أي خيار وسطي، فإما أن يستمر في صمته ويُفسح المجال لمشروع الحوثي كي يتمدد دون رادع، أو أن يتحرك، لا انتقامًا لوالده فحسب، بل دفاعًا عن نفسه وعن إرث سياسي وشعبي وعسكري لا يزال حاضرًا بقوة في الذاكرة اليمنية..
فهل اقتربت لحظة عودة أحمد علي إلى المشهد اليمني كفاعل سياسي وعسكري؟ وهل يتحول من ورقة محتملة إلى رقم صعب في معادلة المواجهة القادمة؟ الحوثيون، بتصرفاتهم الأخيرة، يبدون كأنهم يستعجلون هذه اللحظة..