منبر حر لكل اليمنيين

خصوم صالح.. والحقيقية حمالة الأوجه

محمد عبده الشجاع

يمتلك خصوم صالح شجاعة مبتورة يتم استحضارها فقط في بعض المناسبات حضورا غير مكتمل، تماما كما تفعل العرافات والمنجمين، لتصبح حمالة أوجه، تعكس في شق منها خلل بنيوي في الأفكار وطرح الآراء وصورة مهزوزة تحاول القفز على الواقع أو تجاوزه حسب الرغبات أو الموجهات العامة وكذلك الانطباعات والتعبئة التي جبل عليها الكثير أيام الزخم الثوري وما قبله نتيجة مساحة الحرية التي كانت.

المعادلة أن الناس لا تدرك حجم التعقيدات في الواقع إلا حينما تخوض التجربة بنفسها أو تعايش تجربة أخرى لطالما تم استدعاء صالح في الذهنية السياسية كما لو أنه صاحب عصا سحرية، ليتحول الطموح إلى تنظير وخيال فسيح وشعارات يتم إسقاطها كما لو أن العالم صلصال في يد طفلة تحب التشكيل.

عقب الضجة التي أحدثها فيلم العربية الوثائقي حول الزعيم صالح، أراد الدكتور مروان الغفوري Marwan Al-Ghafory الظهور مختلفا ضمن محاولاته الجريئة في نقد الواقع أو تشخيص الأحداث، وهو ما اعتبره البعض شجاعة واستحقاق حين قال: “شاهدت الفيلم الوثائقي حول الأيام الأخيرة في حياة صالح. قُدّم الرجل بوصفه “الرئيس اليمني السابق”، والحقيقة أنه الرئيس اليمني الأخير” إلى ما إلى ذلك من عبارات المديح والقدح.

حاول طبيب القلب والسارد المبدع أن يذيب بقعة صغيرة من جبل الجليد وأن يكون شجاعاً فيما يخص الرئيس صالح وتلك الحقبة الزمنية بما فيهما من ارهاصات، إلا أنه سرعان ما يستطرد الأفكار قبل اكتمال الصورة واستكمال السطر الثاني، يبدأ بزراعة العبوات والالغام الفردية واللعب على ثنائية البيضة والحجر، ومع ذلك تُقبلُ الناس على الحقيقة وتهفو اليها من أي طرف كان بعواطف مليئة بالصدق والسذاجة في نظر آخرين، فقط لأنها الحقيقة لا سواها ولأنها جاءت في توقيتها من نافذة اعتاد على النقد والتجريح…
الأمر ليس حبا بمديح جاء من خصم لشخص له رمزيته وان بدت مبتورة أو حمالة أوجه لكنها الحقيقية بذاتها ولو في جزئية يتيمة.

يتلاعب مروان بالمشاعر كعادته ليبدو أكثر واقعية من أي وقت مضى محذرا من ضياع البلد بعد سقوط النظام الذي كان أحد المعارضين له.

عامر السعيدي شاعر وناشط له ميول إخوانية واضحة يتشابه كثيراً مع مروان كلايهما يتمتعان بشهرة واسعة تلبستهم لأنهما أحد أوجه السياسة الموجَّهة وصوت له حضور أيديولوجي، ثم يأتي الابداع الأدبي لاحقاً.

ظهر عامر اليوم في منشور وهو يدافع عن صالح ضد من اتهموه بأنه من أسرة مهمشة (مزين) مؤكدا على أصالة صالح وجذور أسرته وقبيلته اليمنية ثم جاء الدور على المتابعين والذين وصفوه بالمنصف فقط لأنه وعلى غير عادته دافع عن صالح هو في الحقيقة لم يكتشف العجلة، فالدفاع عن صالح من أي كان في أي جزئية من حياته دفاع عن يمنيتنا جميعا من التشويه المتعمد الذي اختاره الحوثيين ضد كل من يحمل هوية يمنية خالصة وروحا جمهورية..

من المستحيل أن أقبل من أي شخص يهاجم آخر في أصله كمبدأ انساني ثابت أو يقلل من قيمته بعنصرية ومناطقية مقيتة، فما بالكم أن تأتي هذه المذمة من شخصية كرتونية أو جماعة هلامية تحمل كل ملامح الإرهاب وتمارسه علنا مع الآخر في كل المحافل وعلى امتداد الجغرافيا بصفته مواطن درجة عاشرة.

ما قيل عن صالح أنه من أسرة يهودية وسرديات كثيرة عن لقبه وقريته وأسرته وأولاده اليوم تم التأسيس له مع إندلاع الربيع العربي ومع ذلك الحقيقة لا تموت هي مثل الاحجار الكريمة تماماً..

في هذه المضمار يبدو أن علي البخيتي الاكثر حظا من كل هؤلاء وصاحب النصيب الأكبر على تقلباته ليس في طرحه وانما في المتناقضات التي يشتغل عليها ممسكا بشعرة معاوية وسوط أبا لهب، يعجبني في تناول بعض القضايا الاجتماعية والسياسية وان بدا في كثير منها مبالغ يشطح كثيراً، في جوانب الفكر والعقيدة والدين فهو فهلوي كبير ومتعصب لكفره ولا يستهويني وهذه حريته..

إجمالا تظل هذه الأقلام وظاهرة التباين حالة صحية لكنها محل عتب ومحل اعتراض كلما وجهت اقلامها خارج دائرة المشروع الكهنوتي الذي يحتاج لتفرغ كامل ومواجهة مستميتة وفضح مستمرة لا يعرف التذبذب.

الناس تريد أن تعيش!!

تعليقات