نم قرير العين يا عفاش
نم قرير العين يا عفاش، نم بعدما عرفوا قيمتك من بعد غيابك، نم بعدما تذوقوا طعم الفوضى، وابتلعوا شعاراتهم الكاذبة، وباتوا يترحمون – في سرّهم – على أيامك التي سبّوها.
نم، فقد كنتَ دولة، رغم ما كان، وكنتَ سيد القرار، رغم الأخطاء، أما اليوم، فالدولة شتات، والقرار مرهون، والكرامة مطاردة.
نم، فقد جاء بعدك من زعموا الثورة، فإذا هم تجار دم، باعوا الوطن لمن يدفع أكثر، وأذلّوا الناس باسم الدين، وباسم الحرية، وباسم الكرامة، حتى لم يبقَ من الكرامة شيء.
نم، فقد كنتَ خصمًا شريفًا، يواجه العدو ويضبط الداخل، أما هم، فخانوا الداخل وسجدوا للغريب، مزّقوا البلاد، وشوّهوا الحلم، حتى صار الناس يتحسرون على عهدك، عهد الدولة، لا الدويلات.
نم، فقد غُفِر لك ما كان، لا لأنك بلا خطيئة، بل لأنهم خطيئةٌ بلا غفران، ولأنك – رغم كل شيء – لم توهمنا أنك نبي، ولا ادعيت الطهارة، بل كنت كما أنت… قويًا، واضحًا، يحكم لا يختبئ.
نم يا عفاش، فمن بعدك مات الوطن ألف مرة، ومن بعدك صار الناس يحلمون بزمنك… لا حبًا بك، بل لأن من بعدك أحرق كل شيء.