جريمة اغتيال اليمن بدأت في مسجد دار الرئاسة 2011 واستكملت باغتيال صالح والزوكا 2017
*محمد علي علاو
غريم واحد.. وشركاء متفقون.. والعدالة ستأتيهم حتماً
لم تكن جريمة تفجير مسجد دار الرئاسة في 3 يونيو 2011، التي استهدفت الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح وعدداً من كبار قادة الدولة وهم يؤدون صلاة الجمعة، مجرد محاولة اغتيال سياسية فاشلة فحسب، بل كانت الشرارة الأولى لما يمكن وصفه بـجريمة ”اغتيال وطن اسمه اليمن ” بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
فذلك التفجير الارهابي الدموي، الذي وقع في بيت من بيوت الله، شكّل الانطلاقة العملية لمشروع ارهابي خارجي منظم استهدف تقويض الدولة اليمنية، وضرب مؤسساتها من الداخل، وزرع الفوضى في مفاصلها السياسية والأمنية، وصولاً إلى مشهد الانهيار الكامل الذي تعيشه البلاد حتى اليوم.
جرائم سياسية ارهابية موثقة … وبصمات واحدة
منذ تلك اللحظة المفصلية، بات واضحاً لكثير من اليمنيين أن هناك تحالفاً غير معلن بدأ بالتشكيل بين جماعتين متطرفتين – جماعة الإخوان المسلمين، والمليشيات الحوثية – تشتركان في هدف واحد: إسقاط النظام الجمهوري وتصفية رموزه التاريخيين.
لقد كانت جريمة مسجد دار الرئاسة أكثر من مجرد عمل إرهابي نفذته ميليشيات تنظيم الاخوان المسلمين في اليمن وشركائهم الحوثيين ، فهي من الناحية القانونية والسياسية تُعد نقطة البداية في مسلسل الاغتيالات الجسدية والمعنوية لكل من رفض المشروع الطائفي أو عارض أجندة التمكين الحزبي الضيق. ولم تكن صدفة أن تنتهي تلك السلسلة باغتيال الرئيس صالح ورفيقه عارف الزوكا في ديسمبر 2017، على يد حلفاء الساحات – الحوثيين .
الغريم واحد.. والأدوار موزّعة
الوقائع الموثقة منذ عام 2011 وحتى اليوم تشير إلى وجود شراكة فعلية سابقة وحالية بين أطراف داخلية وخارجية لعبت دور الحاضنة السياسية والإعلامية لجريمة استهداف مسجد دار الرئاسة من تنظيم الاخوان ، وسهلت لاحقاً للحوثيين الاستفراد بالمشهد والانقضاض على الدولة اليمنية ومؤسساتها، بدءًا من اسقاط صنعاء إلى آخر موقع للشرعية في اليمن .
فكان الهدف واحدًا لشركاء الساحات (الاخوانثيين) : تصفية الرئيس صالح ورفاقه من قيادات الدولة وكل ما يمثلونه من رمزية وطنية وجمهورية، وإن اختلفت الأدوات وتبدلت المواقع. ومع مرور الزمن، لم يعد خافياً على أحد أن من سهّل، ومن موّل، ومن خطط، ومن نفذ، جميعهم كانوا شركاء يتحركون في مسار متوازٍ، تقاطعت فيه مشاريع “الخلافة” و”الولاية” ضد إرادة شعب كامل .
ذاكرة اليمنيين لا تنسى ولا تنام… والعدالة آتية
وبرغم تعاقب الأحداث وتزاحم المآسي، لم ينسَ اليمنيون جريمة استهداف مسجد دار الرئاسة 2011 ، ولا اغتيالهم الابطال صالح والزوكا في 2017 ، ولا كل الجرائم الارهابية التي نُسجت في سياق مشروع خارجي واحد لاغتيال الدولة اليمنية . ولم يعد الصمت الشعبي سوى غلاف مؤقت لحالة ترقب واستعداد لمحاسبة قادمة لا محالة .
إن العدالة الدولية والمحلية ، مهما تأخرت وعطلت ، لن تغيب ولن تتاخر . فكل الأدلة محفوظة، وكل المواقف موثقة، وكل الشراكات المريبة والضخ الاعلامي الخارحي لخلط الأوراق باتت مفضوحة ومكشوفة لكل ذي عقل . وسيأتي اليوم الذي سيُفتح فيه الملف كاملاً: من الذي خطّط؟ ومن نفّذ؟ ومن تستّر؟ ومن استفاد؟
وفي وجدان الشعب اليمني، لا معنى لأي مصالحة وطنية لا تتضمن العدالة الانتقالية ومحاسبة كل الارهابيين ممن تلطخت أيديهم بدماء المصلين في مسجد الرئاسة، أو شارك في جريمة تصفية صالح ورفاقه 2017 .
فدماء الزعيم ورفاقه ، وكل الشهداء الذين سقطوا على درب الدفاع عن الجمهورية، لن تذهب هدراً، وملف “اغتيال الوطن اليمني” سيبقى مفتوحاً حتى تطهير اليمن من كل شركاء الخراب والارهاب الخارجي .وحتى تتحقق العدالة ويتم انصاف اليمنيين جميعا وتطهير بلادهم من جماعات الارهاب المتطرفة شركاء ساحات الدم والتمرد . وبشر الصابرين .
*محامي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية.