في سجل الأيام الخالدة من تاريخ اليمن المعاصر، يبقى السابع عشر من يوليو واحدًا من أعظم المحطات التي شكّلت ملامح اليمن الجمهوري، ووثّقت إرادة الشعب في التغيير، وأسّست لمرحلة جديدة من الوعي السياسي والديمقراطي، وقّعها التاريخ بأحرف من نور.
إنه يوم لا يشبه سواه، ليس لأن الأقدار شاءت أن تشهد فيه اليمن ولادة قائد عظيم فحسب، بل لأنه حمل معه تحولات كبرى، غيّرت وجه الحياة السياسية، ومهّدت الطريق أمام جيل جديد من القادة، والحالمين بوطن تسوده العدالة والحرية والمؤسسات.
في 17 يوليو من العام 1978، بدأ اليمن الجمهوري فصلًا جديدًا من تاريخه، حين تولّى الرئيس علي عبد الله صالح مقاليد الحكم، في مرحلة بالغة التعقيد والتحدي. لم يكن الطريق ممهّدًا، فقد كانت البلاد تمر بأزمات أمنية واقتصادية، وواقع سياسي هشّ، يتهدد أركان الدولة. لكنّ القدر منح اليمن قائدًا شجاعًا تميّز بالحكمة، والقدرة على قراءة المشهد، فقاد السفينة وسط العواصف، وأعاد لليمن هيبته ووحدته.
لم يكن 17 يوليو مجرّد تاريخ لتغيير سلطة، بل كان انطلاقة حقيقية لأول تجربة ديمقراطية، في هذا اليوم بدأت مرحلة ترسيخ الدولة المدنية، وتعزيز سلطة القانون، والانفتاح على العالم.
وقد مثّل هذا اليوم في الذاكرة اليمنية لحظة ميلاد المشروع الوطني الوحدوي، الذي تُوّج بتحقيق أعظم إنجاز في التاريخ المعاصر، وهو إعادة توحيد شطري الوطن في 22 مايو 1990. تلك الوحدة التي بقيت حلمًا يراود الأجيال، وحقيقة جعلها 17 يوليو ممكنة، حين وضع اليمن أولى لبنات الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية.
اليوم، ونحن نحتفل بذكرى 17 يوليو، لا نستذكر الماضي من باب الحنين، بل من باب الوفاء والوعي بقيمة التحولات الوطنية الكبرى. إنه يوم للمراجعة والتأمل، والتأكيد على أن اليمن لا زال قادرًا على النهوض، وأن جذوة الجمهورية لم ولن تنطفئ.
لقد ولدت الجمهورية اليمنية من رحم الثورة، وترسخت جذورها في السابع عشر من يوليو، وأزهرت في الوحدة، وستستمر في الازدهار ما دامت في قلوب اليمنيين قيم الولاء، والإيمان بمستقبل أفضل، والتمسك بمبادئ الحرية والكرامة.
ختامًا، يبقى 17 يوليو أكثر من مجرد يوم… إنه تاريخٌ لحلمٍ تحقق، ولشعبٍ أراد الحياة، ولرجلٍ آمن باليمن حتى آخر لحظة… إنه يوم ميلاد اليمن الجمهوري، والديمقراطية الأولى، ويوم ميلاد قائد عظيم خطّ اسمه في وجدان أمة.
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
المقال السابق
المقال التالي
تعليقات