منبر حر لكل اليمنيين

الغارقون في كراهية الرئيس صالح يشيطنون مرحلته.. الرجل أصبح تاريخًا بما له وعليه

د. عادل الشجاع

من المفارقات العجيبة في المشهد اليمني أن تتجدد بين الفينة والأخرى حملات التشويه الممنهجة ضد الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، رغم مرور سنوات على رحيله، وكأن ثمة من لا يزال يهرب من مواجهة الحاضر وتحدياته عبر البقاء في سجن الماضي، هؤلاء الغارقون في كراهيته يشيطنون مرحلته بكل تفاصيلها، ويرفضون أي تقييم متوازن لإنجازاتها أو إخفاقاتها..

الرئيس صالح، الذي حكم اليمن لثلاثة عقود، لم يكن ملاكًا معصومًا، لكنه أيضًا لم يكن شيطانًا خالصًا كما يحاول البعض تصويره، لقد قاد اليمن في ظروف غاية في التعقيد، وكان له دور في توحيد البلاد، وإرساء بنية تحتية لم تكن موجودة، وفتح الأفق أمام التعددية السياسية، رغم ما شاب تجربته من إخفاقات وفساد وتراجع في بعض المراحل..

لكن الإشكال ليس في تقييم تجربة صالح بميزان العقل والإنصاف، بل في تحويله إلى “شماعة” يعلّق عليها البعض فشلهم في التغيير، وتردي الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي منذ خروجه من المشهد، وكأن الرجل لا يزال يحكم، أو أن من جاء بعده لم يكن يملك فرصة إعادة البناء أو تقديم بدائل، هذا النهج الهروبي يعبّر عن عجز داخلي، ويُفقد أصحابه القدرة على الفعل والتأثير..

الرئيس صالح أصبح جزءًا من التاريخ، لا يمكن إلغاؤه أو إعادة كتابته برغبة من طرف واحد، تحميله وزر ما يحدث اليوم ليس فقط ظلمًا سياسيًا، بل يعكس عقلية ترفض تحمّل المسؤولية، وتُغرق نفسها في جلد الآخرين بدلًا من المراجعة الذاتية والتقييم الموضوعي..

الذين يعيشون في ظل كراهية الماضي يقتلون قدرتهم على صناعة الحاضر، ويصبحون شبه ميتين في السياسة والفكر، لأنهم لا يملكون رؤية للمستقبل، بل فقط رغبة دائمة في تصفية حسابات قديمة..

الخاتمة:

آن الأوان ليتحرر الخطاب الوطني من عقدة الماضي، ويُقيّم التجارب بمسؤولية وهدوء، فصالح لم يعد موجودًا، لكن من يعيش على كراهيته كمن يسكن مقبرة الأفكار، يرفض الخروج منها ليبصر ضوء الفعل، ويظل أسيرًا لظله الباهت في زمن تغيرت فيه كل المعادلات..

تعليقات