منبر حر لكل اليمنيين

من معتقلات الحوثي قصص محزنة.. رحمك الله يا عم ناصر

كتب/ عبد الجليل الجرادي *

رحمك الله يا عم ناص…

جاءوا به اسيراً إلى الوحدة الصحية التابعة للأمن المركزي بصنعاء وكنت حينها سجيناً في ذالك السجن وكنت مريضا، لا أعرفه ولا يعرفني، لكنه كان يحمل في ملامحه وجعًا يشبه وجعي، وصمتًا كئيبًا يشبه صمت السجناء الذين عرفوا الخذلان من كل الجهات.
جلسنا يومًا كاملًا لا نتحدث… كل واحدٍ منا يتوجّس من الآخر، نتحاشى النظرات ونبتلع الكلام، كأننا نخشى أن نثق فنهلك.
كان يرمقني بنظرات متأملة، كأنه يحاول أن يعرفني دون أن يُشعرني، فإذا التقت أعيننا، أشاح ببصره سريعًا، لا يريد أن يُشعرني بشيء من تردده.
وفي اليوم الثاني عرفت اللهجة، لهجة نهم.
سألته عن اسمه، وأخبرته باسمي، فإذا بوجهه يتغير، وكأن روحه اشتعلت فيه من جديد… كان يعرف أخي، وفرح بي كما يفرح الغريق بمن يعرف طريق البر.

بدأ يروي قصته…
كان منهكًا، مريضًا،واستأنس بي كثيرا،كان يعاني من السكر بنسب مخيفة، جسده يذبل يومًا بعد يوم، وأعين السجانين لا تبالي، لا دواء، لا رحمة، لا حتى سؤال.
كنت أراه يضعف أمامي، يتكئ على الحيطان، يئنّ في صمت، وكنت أعلم… أعلم أنه لن يخرج من هناك حيًّا.

ومات.
مات الشيخ العميد ناصر مبارك سكان في زاوية من زوايا الغرفه اسيرا مقيدا في سجون الحوثيين عام 2020، بصمت الأبطال، بلا دواء، بلا وداع،اهمله خصومه الذين لايعرفون للرحمة وجها.

رحمك الله يا عم ناصر…
كنت رجلًا في زمن القهر، وحرًّا في سجون الذل، ومؤمنًا لم يتزحزح قلبه رغم كل الألم.

* من صفحته في فيس بوك.

تعليقات