في توقيت سياسي لا يمكن وصفه إلا بـ”الحرج” بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اختار الحوثيون الدخول على خط الحرب بإعلان استهدافهم لإسرائيل وبينما بدا ذلك ظاهريًا كخطوة تضامنية مع الفلسطينيين، إلا أن النتيجة العملية كانت عكس ذلك تمامًا، كل المؤشرات تؤكدأنهم قدموا خدمة مجانية لنتنياهو المحاصر داخليًا، والمثقل بملف غزة الذي تحول إلى عبء سياسي وأخلاقي وأمني..
فمع تهدئة معظم الجبهات المحيطة بإسرائيل ــ من إيران إلى حزب الله ــ وجد نتنياهو نفسه في عزلة، يواجه ضغوطًا أمريكية وأوروبية غير مسبوقة، ومجتمعًا إسرائيليًا منقسمًا وغاضبًا، كان بحاجة ماسة إلى عدو خارجي جديد، يمنحه فرصة لإعادة خلط الأوراق وتوسيع دائرة الصراع، وهنا جاء الحوثيون ليوفروا هذه الفرصة..
من الناحية العسكرية، لا يشكل الحوثيون خطرًا إستراتيجيًا على إسرائيل، لكن من الناحية السياسية والإعلامية، منحوا نتنياهو ما يحتاجه: ذريعة لتأجيل الحسم في غزة، وتحويل الأنظار عن الإخفاقات الداخلية، والظهور مجددًا بمظهر القائد الذي يتعامل مع “تهديدات إقليمية متزايدة”..
السؤال المطروح: هل يدرك الحوثيون أن ما يفعلونه يخدم بقاء حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرفة؟ وأن “نصرتهم لفلسطين” تُترجم عمليًا إلى إطالة أمد الحرب، وتمديد عمر الأزمة الإنسانية في غزة، وتشتيت الضغوط الدولية عن تل أبيب؟
المواقف النابعة من الحماسة والشعارات، حين لا تُحسب بدقة، قد تنتهي بخدمة الخصم أكثر من الإضرار به، وما فعله الحوثيون نموذج واضح لذلك..