منبر حر لكل اليمنيين

ترامب وتعهدات السلام

أحمد الخالدي

كثيرةٌ هي التعهدات التي قطعها المرشح الجمهوري في السباق الأمريكي الأخير للرئاسة دونالد ترامب، في حال فوزه في الانتخابات ووصوله للعمل في المكتب البيضاوي، وأهم تلك التعهدات هي العمل على إحلال سلام حقيقي ودائم في العالم.
كما انه وفي مراسيم تنصيبه، وصف نفسه في خطاب التنصيب، بأنه “صانع سلام”.
وقد أكد مراراً وتكراراً على إحلال سلام عالمي ففي مقابلة مع العربية بتاريخ ٢١ أكتوبر ٢٠٢٤م صرح “أن المنطقة العربية بحاجة ماسة إلى سلام دائم ووقف القتل والدمار، لافتاً إلى أنه يحظى بدعم كبير من العرب الأمريكيين في الانتخابات الأمريكية”.
معتبراً أن الأوضاع في المنطقة سيئة للغاية وما كان يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد.
كما تعهد بالمسارعة إلى وضع حد للحرب الروسية الأوكرانية.

ومع أن ترامب، أمضى الأشهر الأولى من ولايته، في محاولة كبح جماح إسرائيل في مغامراتها التدميرية وحربها المسعورة على غزة بالإضافة إلى شن هجوم على برنامج إيران النووي، وكذلك محاولة الضغط على زيلنسكي للموافقة على خطته للسلام، إلا أنه ومن الواضح فشل في كل تلك المحطات، ولم تتوافق رؤاه للسلام الذي تطلع إليه من وجهة نظره، ولم ترق حتى لشركائه في القارة العجوز.
ووسط تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمنع طهران من امتلاك السلاح النووي، في وقتٍ سابقٍ أفادت صحيفة “نيويورك بوست” بأن الرئيس الأميركي ترامب يتعامل بحذر مع مسألة توجيه ضربات عسكرية لإيران، خشية أن يقود ذلك إلى تكرار السيناريو الليبي.

وقبل أيام من انطلاق الجولة الثانية للمفاوضات التي عقدت بين طهران وواشنطن، في ١٩ أبريل الماضي في روما، كشف تقرير أميركي أن سيد البيت الأبيض، تخلى عن ضربة إسرائيلية كان مخططاً لها على مواقع نووية إيرانية لصالح التفاوض والاتفاق مع طهران للحد من برنامجها النووي. كما أوقف هجوماً عسكرياً إسرائيلياً كان مقرراً في مايو الماضي ضد منشآت إيرانية نووية، مفضلاً فتح باب التفاوض.

ولكن استطاع نتنياهو السيطرة على ترامب وجره إلى الموافقة على قرار خوض حرب جديدة في المنطقة وشنت إسرائيل هجوماً غير مسبوق على إيران في ١٣ يونيو الماضي، وبرغم من التردد المضطرب حول الإعلان الرسمي لمشاركة أمريكا في العمليات العسكرية تخوفاً من الانقسامات في الكونغرس وردود افعال اعضائه نحو الضربات الإسرائيلية على إيران، حيث أبدى بعض الأعضاء دعمهم القوي، بينما حذّر آخرون من أنها تصعيد خطير ينذر بجر الولايات المتحدة إلى حرب أوسع.

إلا أن تصريحات نتنياهو دائم ما تحاول كشف تستر ادارة ترامب، ففي تصريح له عقب زيارة لبعض المناطق المستهدفة والتي طالتها صواريخ إيران قال صراحتاً أن واشنطن تشارك بفعالية في حماية الأجواء الإسرائيلية من التهديدات الإيرانية،
وفي تعليق له وصف ترامب الضربات بأنها ” هجومً ناجح للغاية”.
واضاف “نحن بالطبع ندعم إسرائيل، ومن الواضح أننا دعمناها كما لم يدعمها أحد من قبل”.

وفي منتصف الليلة الماضية الموافقة لليوم العاشر من المواجهات أعلن سيد البيت الأبيض المشاركة الرسمية في ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، حيث أكد عبر تغريدات على منصة تروث سوشال أن “الطائرات الحربية الأميركية نفّذت هجوما ناجحاً للغاية على منشآت إيران النووية الثلاثة فوردو ونطنز وأصفهان”، وأعقب : “أن الطائرات الحربية باتت خارج المجال الجوي الإيراني، وأنها آمنة في طريق العودة بعد أن ألقت حمولة كبيرة من القنابل على فوردو” في حين أعلن أنه: “حان وقت السلام”
مشدداً أن على إيران الموافقة على إنهاء الحرب الآن.

هنالك من يرى أن ترامب بهذه الطريقة يحاول قطع الطريق على إسرائيل، وإيقاف شغفها في استمرار الحرب وامتداد أمد الصراع ومنع توسعه، خصوصاً أن وسائل إعلام إيرانية أكدت اليوم أن إيران كانت أخلت 3 مواقع نووية منذ فترة. وتأكيداً لذلك نشرت الاقمار الاصطناعية صوراً بتاريخ ١٩ و ٢٠ يونيو لنشاطاً غير اعتيادي لشاحنات ومركبات قرب مدخل منشأة فوردو النووية .

فيما يرى آخرين أن هدف ترامب هو إنقاذ إسرائيل من مستنقع استنزاف إيراني طويل وتهديد خطير في إطار تورط إسرائيلي غير محسوب، وعدم القدرة والاستطاعة في حسم المعركة، والخوف من دخول دول أخرى في المواجهة، والعواقب التي بدأت تلوح في أفق اسرائيل من الهجرة العكسية للمستوطنين وعودتهم الى بلدانهم الأصلية وتفاقم الخلافات في الكيان الاسرائيلي.

بينما قد تفوز جدلية نجاح ترويض ترامب واستمالته إلى دعم توجهات نتنياهو. ففي اول بيان لنتنياهو صباح اليوم وعقب استهداف القوات الأمريكية للمفاعلات النووية الإيرانية قال: “تهانينا للرئيس ترامب، إن قرارك الجريء باستهداف المنشآت النووية الإيرانية بقوة الولايات المتحدة الجبارة سيُغير التاريخ”.
وفي تبنيه لتوجه ترامب نحو السلام من خلال القوة قال: كثيرًا ما نقول أنا والرئيس ترامب: ‘السلام من خلال القوة فالقوة تأتي أولًا، ثم يأتي السلام. والليلة، تصرف الرئيس ترامب والولايات المتحدة بقوة كبيرة”.

فهل ادرك العائد للبيت الأبيض بولاية تاريخية ثانية قوة اللوبي الذي يستطيع التحكم بالتوجهات داخل اروقة المؤسسات الأمريكية؟

تعليقات