عبثت إيران عبر مشروعها الأيديولوجي في ماضي وحاضر المنطقة فهدمت ودمرت الجغرافيا وبدلت وزورت في التاريخ حتى أصبح الواقع بهذا البؤس، برغم العراقة الضاربة في جذور التاريخ للأمبراطورية الفارسية والحافل بالتنوع الثري في العلوم والمعارف والثقافات والفنون.
إلا أن ايران الخميني ومشروعه الذي اصبح عبارة عن مجموعة من السياسات والأنشطة التي تهدف إلى تعزيز نفوذه الديني والسلطوي هذه السياسة التي قد تبدو تارةً هجومية وطوراً براغماتية، مع ثمة زاوية مهمه للطائفية أيضاً.
فبسبب عزلة إيران عن جيرانها منذ وصول الخميني الى سدٌة الحكم عام 1979م على متن طائرة فرنسية، انتهجت استراتيجية تقوم على نسج علاقات مع كيانات غير دولية لمساعدتها على تعزيز مصالحها الاستراتيجية، مثل حزب الله في لبنان، والفرق المتشيعة في العراق، والعلويين في سوريا، وحركة أنصار الله “الحوثيين” في اليمن، وحماس في فلسطين وغيرهم، بالإضافة إلى التأثير في النزاعات الإقليمية ودعم الثورات المناهضة للحكومات في بعض الدول.
تعمل إيران وفق سياسة خارجية معقدة ومتشابكة تتسم بالمراوغة والإثارة تهدف في مجمل تأثيرها على وجه الخصوص المنطقة العربية وقضاياها، وأهم المرتكزات في سبيل إنجاح تلك السياسة هي التداخل الجغرافيا والتاريخي الذي يساعد في رسم صياغتها تجاه المنطقة العربية، فإيران ترتبط جغرافياً بالعديد من الدول العربية كما تتحكم بالشراكة مع عُمان بمضيق هرمز الذي يعد بوابة الخليج العربي، والمنفذ البحري الوحيد لكل الدول العربية على خليج العرب، كما تستغل إيران البعد الديموغرافي” الاثني” للمجتمع الايراني من خلال إخضاع القوميات الداخليه لشماعة التهديد أو التحدٍّي الخارجي، وإثارة شعور الخوف لدى تلك القوميات من خطر تعتقد أنه يهدد القومية الفارسية.
كما وجدت إيران في التشيع متراساً يحمي هويتها القومية والثقافية، ووسيلة لاختراق الدول العربية، فاستخدمت البعد الطائفي بين السنة والشيعة لمحاولةً تقويض وزعزعة الاستقرار السياسي لبعض دول المنطقة.
وعملت على دعم مشاريعها بانشاء غالكثير من المؤسسات التي خصصت لدعم تلك التوجهات، ففي الجانب الثقافي والايديولوجي عملت الملحقيات الثقافية الإيرانية دوراً بارزاً في هذا التوجه، إلى جانب المجمع الإسلامي لأهل البيت، ومجمع التقريب بين المذاهب، ومنظمة التبليغ الاسلامي، و المدارس والحوزات الإيرانية في الخارج، ومنظمة دعم الانتفاضة الفلسطينية، وغيرها من المؤسسات العقائدية التي تدعم المشروع الإيراني في المنطقة .
يعد المشروع الإيراني من أسوأ المشاريع الذي لم يستغل بالوجه الصحيح فقد أثبتت التجارب أن الأيديولوجيا حين تتدخل في تفاصيل التعليم والصحة والزراعة والصناعة والمياه والغاز، تُنتج الخراب لا التنمية.
فبخسارة طهران الفادحة التي طالتها مباشرةً من خلال أستهدافات متواصلة لقياداتها من قبل القوات الأمريكية، والقصف الاسرائيلي للعمق الإيراني مستهدفاً منشأتها الحيوية وقياداتها البارزة حتى صباح يومنا هذا.
كذلك خسارة مشاريعها في لبنان وسوريا، وارباك تحالفاتها الإقليمية، واحتقانها الداخلي.
ربما آن الأوان أن تفهم طهران أن العالم لا ينتظرها ، فكلّها مؤشرات على نهاية المرحلة. وان مفتاح الخروج من النفق لن يكون إلا عبر الداخل: انفتاح صادق، وإصلاح هيكلي، ومصالحة مع الذات قبل الجوار والغرب.
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
تعليقات