منبر حر لكل اليمنيين

الإخوان وتعز.. أقبح صورة لأجمل وجه !

وليد المشيرعي

تعز وما أدراك ما تعز، تعز التي في خاطري ولها من الوجوه 100 ألف وجه.
تعز هي أجمل قطعة من بلادي اليمن، ليست قبيلة واحدة، ولا عرقاً واحداً ولا ثقافة واحدة، فيها كل جموح اليمانيين ودفئهم وعنفوانهم وطيبتهم ولؤمهم وذكائهم وعشقهم للحياة والجمال.
تعز ومنذ قرون ساحة مفتوحة للحكم تكوينها يقبل القسمة على كل الآحاد، تداولها الحكام المحليون والأجانب، من آل رسول إلى الصليحيين إلى الطاهريين إلى المماليك إلى العثمانيين إلى الأئمة الزيود وصولاً إلى النظام الجمهوري لكنها ظلت عصية على السيطرة بثقافتها وألوانها البهيجة تغرد لحن الحياة بأريحية تقبل كل التناقضات وينتشر أبناؤها في كل اليمن بلا خطوط حمراء.
تعز كما عرفتها – خلال نشأتي فيها – سلة فواكه حزبية وكيس خضار فكري وسياسي خذ منه ما تشاء واترك منه ما تشاء.. لهذا كانت مهمة جدا لكل من حكم اليمن ولا تزال.
اللحظة الفارقة في تاريخ تعز الحديث وقوعها على خط التماس بين الشيوعية والرأسمالية خلال الحرب الباردة حين توزع أبناؤها بين المعسكرين فكانت الغلبة للثاني بواسطة التيار المتأسلم الذي استثمر أموال الخارج وحول المحافظة برمتها إلى محضن دافئ للإخوان المسلمين من خلال “المعاهد العلمية”، التي أخرجت جيلا كاملا من المثقفين وأنصافهم اندسوا في مختلف التشكيلات السياسية وحتى الآن يتسببون في صداع مزمن لليمن كافة وليس لهذه المحافظة وحسب.
مشكلة تعز اليوم أن التيار الإخواني فيها لا يزال ممسكا بمايكروفونه القديم المزعج ولا يزال متشبثا ببقايا القوة التي أورثتها له الأنظمة الجمهورية وهي تستعين به لمقاومة المد الشيوعي.
إخوان تعز انقسموا اليوم مثلهم مثل فلول هذا التنظيم المنتهي الصلاحية لكن القسم الأبرز منهم ينتهج الأجندة القطرية المتحالفة سراً وعلانية مع المشروع الإيراني في المنطقة،
وهم يدركون أن نهاية الحوثي (ذراع إيران في اليمن) بالتأكيد ستسدل الستار على كل مسرحياتهم الهزلية التي يمثلون فيها دور حامي حمى تعز والمعبر الشرعي والوحيد عن أبنائها !
هناك من يمد هذا التيار بالمال والسلاح ويدعمه بالآلة الإعلامية من قنوات فضائية وجيوش الذباب الإلكتروني بهدف تعطيل أي جهد يسعى لإنهاء الانقلاب الحوثي من خلال بعث الخلافات والقضايا الهامشية وبالتالي شق الصف ونثر الفتن الخامدة.
والأدهى من كل ذلك أن هناك من الأطراف الأخرى من يهاجم أبناء تعز كافة تحت هذه الذريعة كأنما يؤكد الصورة التي يحاول الإخوان رسمها للعالم للأسف الشديد.
ليست مشكلة تعز الحقيقية مع الحوثي الذي يدعي الإخوان محاربته بينما هم يتخادمون معه.
وليست مشكلتها في شخص طارق صالح قائد المقاومة الوطنية الذي يوجهون إليه كل سهامهم إلى درجة مضحكة حتى أنهم طالبوا بالتطهير العرقي للمحافظة واجتثاثه مع رجاله منها بل ورفض المشاريع الإنمائية التي يساعد بها مواطنيها الغلابى الذين يعتبرهم الإخوان قطيعاً فاقد الإرادة.
مشكلة تعز الكبرى هي مع أولئك أنصاف المثقفين الذين مُسخوا فكرياً على مدى عقدين من الزمن في أقبية المعاهد العلمية ودهاليزها وباتوا اليوم يرسمون أقبح صورة لأجمل قطعة من بلادي ويحرمون أبناءها من الاندماج مع واقعهم وانتمائهم الأصيل لشعبنا التواق للحرية والإخاء والتعايش.

تعليقات