منبر حر لكل اليمنيين

انهيار “دولة/ أمّة” هو انهيار لمتحدها السياسي

محمد العلائي

التفكير في الدولة ينصرف تلقائياً إلى شكل من التفكير في التوحيد السياسي.
فانهيار “دولة/ أمّة” هو انهيار لمتحدها السياسي.
وكل تأسيس أو إعادة تأسيس للدولة هو فعل توحيدي للمجال الذي تمتد عليه، صغيراً كان هذا المجال أم كبيراً.
اليمن أو رقعة من اليمن.
وبالتالي؛ ليس من المناسب طرح قضية بناء الدولة في يمن اليوم وكأنها عملية روتينية تقتصر على مسائل الإدارة والتنظيم والهيكلة المؤسسية وما تسمى بـ”الحوكمة”، بل يجب قبل ذلك أن تُطرح بوصفها عملية تكوينية ضخمة تسعى في المحصلة إلى إعادة تأليف وخلق كيان سياسي أصابه التصدُّع، وهذا يتضمن إعادة تأليف وخلق أمة انقسمَتْ على نفسها، أكان هذا التأليف والخلق عن طريق السيطرة والإخضاع (وهذا غير ممكن على المدى المنظور)، أو عن طريق التواصل والوفاق الطوعي بين الأطراف المعنية (ومن المؤسف أن هذا المسار يكاد يفتقر لأدنى مقومات النجاح)، أو عبر برنامج توحيدي يجمع بذكاء بين الطريقين السابقين (وهذا المسار لا يبدو الآن ممكناً هو الآخر).
ما يجعل المهمة عسيرة إلى هذا الحد، في الوقت الحالي، هو أن الدولة الوطنية اليمنية لم تتقوض في الواقع المادي فحسب، وإلا لهان الأمر، بل تسرَّب التلف إلى مرتكزاتها المعنوية والأخلاقية ورأس مالها الرمزي، أو ما يسميه بورديو بـ “الكلِّي الجامع”، في الوقت الذي تعرَّضتْ فيه عقائدها المؤسِّسة وسردياتها وأساطيرها وبديهياتها للهجوم والتسفيه.
كما تم نقض شرعية وأخلاقية الوسائل والسياسات والممارسات الأولية التي تنشأ وتستمر بفضلها الدول في تاريخ المجتمعات.
والمفارقة أن تلك الممارسات والوسائل التي أدينتْ وشجبتْ أخلاقياً عندما كانت تصَدر عن الدولة اليمنية الناشئة، أمست اليوم في متناول قوى الفوضى والانهيار التي لا تأبه للإدانة ولا للشجب!

*من ورقة عن “مستقبل الدولة في اليمن” قدمتها في المكلا، أغسطس 2021م.

تعليقات