منبر حر لكل اليمنيين

زيارة ترمب للشرق الأوسط وتجاهل الشرعية اليمنية

أسامه فؤاد محمد

شكلت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للشرق الأوسط ودول الخليج محطة مفصلية في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، حيث استهدفت بالأساس تعزيز التحالفات الإقليمية لمواجهة ما وصفته بـ “الإرهاب الإيراني”. إلا أن هذه الزيارة، وما سيتلوها من سياسات، أثارت جدلاً واسعًا حول تأثيرها على الأزمة اليمنية، خاصة في ظل ما بدا من تجاهل للشرعية اليمنية المعترف بها دوليًا وقيادة مايسمى بالمجلس الرئاسي والقاطني بفنادق الرياض منذ سنوات والتركيز على مواجهة “الإرهاب الحوثي”.

ركزت الإدارة الأمريكية، خلال زيارة ترمب على تصوير الحوثيين كجزء من محور إيراني يسعى لزعزعة استقرار المنطقة وهذه سبب تصنيفهم كجماعة ارهابية هذا التصنيف الذي اثار ارتياح واسع بين اوساط الشعب اليمني، يعكس توجهًا أمريكيًا يرى في الحوثيين تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمريكية وحلفائها في المنطقة، ويتجاوز في ذلك البعد السياسي والإنساني للأزمة اليمنية.

في المقابل بدا أن الشرعية اليمنية بقيادة رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي قد تم تهميشها في الحسابات الأمريكية برغم الدعم المهول التي تلقته الشرعية لفرض سيطرتها على الأرض واستعادة العاصمة صنعاء إلا ان فشلها كان كافي لعدم القبول بهم وتهميشهم من قبل الادارة الأمريكية بل إن بعض التقارير أشارت إلى وجود فتور في العلاقات بين الجانبين، بسبب ما تردد عن فساد مستشرٍ في أوساط الحكومة وعجزها عن تحقيق أي تقدم ملموس على الأرض.

انخرطت الولايات المتحدة بشكل مباشر في الصراع اليمني، من خلال العمليات الجوية و تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي للتحالف العربي بقيادة السعودية منذ بداية الأزمة كما نفذت القوات الأمريكية ضربات جوية ضد أهداف تابعة للحوثيين مؤخرآ ردًا على هجمات استهدفت مصالح أمريكية أو حلفاء في المنطقة.

هذا الصراع الأمريكي ضد الحوثيين، وإن كان يستهدف الحد من نفوذ إيران في اليمن، إلا أنه أدى إلى تعقيد الأزمة الإنسانية، وتأجيج الصراع، وإطالة أمده كما أنه لم يسهم في تحقيق أي تقدم ملموس على صعيد الحل السياسي، بل عزز من حالة الاستقطاب والانقسام في البلاد بالذات في ظل عدم استغلال الشرعية لهذا الغطاء الجوي والدعم العسكري للبدأ بعملية اجتياح كامل وفتح كافة الجبهات،،واكتفو بإصدار بيانات وتصريحات عن جهوزية الجيش الوطني.

تعتبر قضية عجز الشرعية اليمنية عن تحقيق أي تقدم ملموس على الأرض، واستعادة العاصمة صنعاء، من أبرز التحديات التي تواجه الأزمة اليمنية. هذا العجز يعود إلى عدة عوامل، من اهمها:

انتشار مظاهر الفساد في أوساط الحكومة اليمنية مما يقوض من مصداقيتها، ويضعف من قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

تعتمد الحكومة اليمنية بشكل كبير على الدعم الخارجي، مما يجعلها عرضة للضغوط والتأثيرات الخارجية، ويقلل من استقلاليتها في اتخاذ القرارات.

أما عن فساد فنادق الرياض كلنا نعلم مدى البذخ الذي تعيشه الحكومة في فنادق الرياض هم واسرهم والصرفيات المهولة في حين يتوجب عليهم التواجد في المناطق المحررة لإدارة الصراع،، في حين يعاني الشعب اليمني من أزمة إنسانية حادة. هذه الحقيقة تعكس صورة سلبية عن الحكومة اليمنية وتزيد من حالة الغضب والاحتقان الشعبي.

كما أن عجز الشرعية اليمنية عن تحقيق أي تقدم ملموس على الأرض، والاتهامات الموجهة إليها بالفساد، قد قوّضت من مصداقيتها، وأضعفت من قدرتها على لعب دور فاعل في الحل السياسي.

إن الحل للأزمة اليمنية يتطلب مقاربة شاملة، تأخذ في الاعتبار جميع الأبعاد السياسية والإنسانية والاقتصادية للأزمة كما يتطلب دعمًا حقيقيًا للملف اليمني واختيار شخصيات قادرة على حسم الأمور وتمكينها من القيام بدورها في استعادة الأمن والاستقرار في البلاد، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

تعليقات