منبر حر لكل اليمنيين

ياسين البكالي رحيل موجع

عبدالخالق عمران

حسبنا الله ونعم الوكيل رحم الله الشاعر ياسين محمد البكالي الذي وافته المنية فجر اليوم الخميس في صنعاء بعد صراع مرير مع المرض. هذا المصاب الجلل أعاد إلى ذاكرتي اللقاءين اللذين جمعاني به خلال إقامته المؤقتة في القاهرة.
كان أول لقاء بيننا في أمسية شعرية أُقيمت في دار نشر بالجيزة. ورغم معاناته الصحية كان حضوره قوياً ونباهته حاضرة وروحه لا تزال تنبض بالأمل. لا أنسى نبرته الممزوجة بالمرارة والرجاء وهو يقول “سأشفى وستتعافى البلاد من كل أوجاعها”.
ألقى في تلك الأمسية بعضاً من روائعه الشعرية وأبهر الحاضرين بقصائده وأدائه. وبعد الأمسية في ساعة متأخرة من الليل كان ياسين رغم الإعياء يحتفظ بروحه المرحة فقال مازحاً
“المصريون كرماء إذا أمسكوا الميكروفون أعطوه حقه”.
وعندما سألنا عن رأينا في أدائه أجبناه بثقة “كان عالياً”. وقد كان كذلك حقاً شعراً وأداءً وتشريفًا لليمن واليمنيين.
أثناء سيرنا وانتظارنا لسيارة الأجرة سألنا عن تجربتنا في سجون ميليشيا الحوثي الإرهابية وتحدثنا معه عن رحلتنا العلاجية . ثم التفت فجأة إلى الأستاذ Tawfeeq Al-Mansouri توفيق المنصوري وقال بصوت خافت “أسندني. لم أعد أرى جيداً.” فاسنده
وتناول قطعة من الحلوى فاستعاد شيئاً من حيويته وأخبرنا أن ذلك الإنهيار كان هبوطاً حاداً بسبب مرض السكر الذي أصاب إحدى عينيه أيضاً وأخبرنا أنه لا يعتاد حضور الفعاليات بمفرده خوفاً من الدخول في غيبوبة وأن إبنته ترافقه دائماً من أجل ذلك ومن أجل قراءة نصوصه الشعرية، لكنه في ذلك اليوم طلب عدم مرافقتها ظناً منه أن رفاقه من نفس الحي سيكونون حاضرين.
كنت أنا والأستاذ توفيق آخر من بقي معه من اليمنيين بعد أن غادر الآخرون بسبب طول وقت الأمسية.
ألححنا عليه أن يدلنا على عنوانه لنوصله إلى منزله لكنه رفض بلطف وأصرّ أنه بخير وسيركب “توك توك”. أصررنا على مرافقته حتى شارع فيصل وهناك ودعناه عند رفاقه في أحد المقاهي.
أخبرنا في الطريق أنه كان يعمل في سلك التدريس لكن الميليشيا الحوثية قطعت راتبه.
أما اللقاء الثاني فكان بعد أسابيع في المركز الثقافي اليمني خلال حفل توقيع ديوانه الأخير “ثم قال الغريب”. بدا يومها بحال أفضل وأهدانا نسخة من الديوان وتحدثنا عن مشاريع قادمة. وقال:”إذا قررت الاستقرار في القاهرة سأبحث عن سكن بجواركم في مدينة نصر.”
اتفقنا على ذلك وافترقنا على أمل لقاء قريب.
لكن جاءني خبر رحيله من الزميل العزيز ورفيق دربه حميد الرقيمي.
رحل ياسين متأثراً بمرضه لكن كلمته باقية أملاً حياً: سنشفى وستتعافى البلاد من كل أمراضها.
رحمك الله يا ياسين البكالي وغفر لك وأسكنك فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
خالص العزاء لأسرته الكريمة ومحبيه وكل من عرفه.
انا لله وانا اليه راجعون
ولا حول ولا قوة إلا بالله.

  • من صفحته في فيس بوك.
تعليقات