منبر حر لكل اليمنيين

الجماعات المتطرفة أداة الدول العظمى وصناعتها لزعزعة الاستقرار وتنفيذ الأجندات الخفية

أسامة فؤاد محمد

في عالم السياسة الدولية المعقد، غالبًا ما تتجاوز الصراعات حدود الدول وتتخذ أشكالًا جديدة وغير تقليدية من بين هذه الأشكال، تبرز ظاهرة “الجماعات المتطرفة” كأداة خطيرة تستخدمها الدول العظمى لزعزعة الأمن والاستقرار في مناطق معينة، وتنفيذ أجندات خفية لا يمكن تحقيقها بالطرق الدبلوماسية المباشرة. هذه الجماعات، التي يتم إنشاؤها ودعمها وتمويلها من قبل قوى خارجية، تمثل تهديدًا حقيقيًا للدول والشعوب على حد سواء، وتستدعي دراسة متأنية لفهم أبعادها ومخاطرها.

الجماعات المصطنعة هي تنظيمات مسلحة أو سياسية يتم إنشاؤها أو دعمها بشكل كبير من قبل دول أجنبية، بهدف تحقيق مصالح تلك الدول في منطقة معينة. يختلف هذا الدعم في شكله، فقد يكون دعمًا ماليًا، أو لوجستيًا، أو تدريبًا عسكريًا، أو توفيرًا للأسلحة، أو حتى دعمًا إعلاميًا وسياسيًا. غالبًا ما تتستر هذه الجماعات تحت ستار أيديولوجيات مختلفة، مثل القومية المتطرفة، أو الطائفية، أو الدفاع عن حقوق معينة، لتضليل الرأي العام المحلي والدولي، وإخفاء الأهداف الحقيقية لصانعيها.

بالتالي تلجأ الدول العظمى إلى استخدام الجماعات المصطنعة لعدة أسباب، من بينها:

تسمح هذه الجماعات للدول العظمى بالتدخل في شؤون الدول الأخرى دون الحاجة إلى إعلان حرب رسمية أو تحمل التبعات القانونية والدبلوماسية للتدخل المباشر.

كما تستخدم الجماعات المصطنعة لإضعاف الأنظمة السياسية التي تعارض مصالح الدول العظمى، سواء من خلال دعم المعارضة المسلحة، أو التحريض على الفتنة الطائفية، أو نشر الفوضى والعنف.

من اهم مهام هذه الجماعات هوا استخدمها للسيطرة على المناطق الغنية بالموارد الطبيعية، مثل النفط والمعادن، وتهريبها إلى الخارج، مما يعود بالنفع على الدول الداعمة.

تستخدم الدول العظمى الجماعات المصطنعة لإشعال الصراعات بين الدول المتنافسة في منطقة معينة، مما يضعفها ويجعلها أكثر اعتمادًا على الدعم الخارجي.

كما يتم استخدام هذه الجماعات لنشر أيديولوجيات معينة، مثل التطرف الديني أو القومية المتطرفة، وتقويض القيم الثقافية المحلية، مما يسهل على الدول العظمى بسط نفوذها في المنطقة.

تشكل الجماعات المصطنعة تهديدًا خطيرًا على الأمن والاستقرار في المناطق التي تنشط فيها ويمتد خطرها على الإقليم وتتسبب في العديد من المشاكل من بينها:

تأجيج الصراعات الداخلية بين الجماعات العرقية أو الدينية أو السياسية، مما يتسبب في سقوط ضحايا مدنيين وتدمير البنية التحتية.

غالبًا ما تلجأ هذه الجماعات إلى العنف والإرهاب لتحقيق أهدافها، مما يزيد من حالة الفوضى وعدم الاستقرار، ويؤدي إلى تدهور الأوضاع الأمنية.

تعمل هذه الجماعات على تقويض سيادة الدول وإضعاف سلطة الحكومات المركزية، مما يجعلها غير قادرة على فرض القانون والنظام.

يؤدي العنف وعدم الاستقرار إلى تأخير التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإعاقة جهود مكافحة الفقر والبطالة.

تتسبب الصراعات التي تشعلها هذه الجماعات في تدهور الأوضاع الإنسانية، ونزوح السكان، وانتشار الأمراض، ونقص الغذاء والدواء.

تتطلب مواجهة خطر الجماعات المتطرفة المصطنعة جهودًا متضافرة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، من بينها:

يجب على الدول العمل على تعزيز الحكم الرشيد ومكافحة الفساد، وتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص العمل للشباب، لتقليل الحاضنة الاجتماعية للجماعات المتطرفة.

يجب تقوية المؤسسات الأمنية وتزويدها بالتدريب والمعدات اللازمة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وفرض القانون والنظام.

يجب على المجتمع الدولي العمل على تجفيف منابع تمويل الإرهاب، من خلال تتبع حركة الأموال المشبوهة، وفرض عقوبات على الدول والجهات التي تدعم الإرهاب.

يجب تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، من خلال تبادل المعلومات والخبرات، وتنسيق الجهود، وتقديم المساعدة للدول التي تواجه تهديدات إرهابية.

يجب فضح دور الدول التي تدعم الجماعات المصطنعة، وممارسة الضغط عليها لوقف دعمها، وفرض عقوبات عليها إذا لزم الأمر.

تعليقات