منبر حر لكل اليمنيين

وجعي عليك كبير يا مصعب

عبدالرزاق الحطامي

وقلبي على قدمك يا صهيب حتى تقف أقوى وتغادر صدرك آخر شظية من إصابتك في عام سابق.

الأرض يا مصعب لا تنسى أبناءها البررة، تتلهف وجوههم في أصقاع الغياب، هي أذكى منا جميعا، تعرف من يحب وتسوط قلبه لواعج الحنين اللاهبة.

تعرفهم تماما كأبيك عبد الحفيظ الحطامي، رجل النبل كله والنضال كله والعطاء كله و قد أوسع الأرض عرضا وطولا بما لا يجاريه في التضحيات لاحق.

الأسرة جبهة وجيش، والبيت في الحديدة احتله الأغراب، وعرس محمد وصهيب كان على وشك لكن الفاجعة سبقت.

الأبناء وقد نذرهم الأب منذ شهقة الميلاد الأولى للوطن بلا حساب، محاربين في سبيله بالكلمة والبندقية والعدسة، وصوتك أنت يا رسول تهامة الصادع الموجوع بأحزان اليمن وتحت يراعك تسجد الكلمات.

شغف الشاشة والإبداع السينمائي أخذ مصعب إلى عوالم بعيدة ترعى الموهبة وتجل العقل ولما انصقلت الفكرة واكتمل تصور السيناريو النهائي عاد إلى الأرض الأحق بخطوة المنطلق.

عاد مصعب بجنسية هولندية لتكون تذكرة عبور الألم اليمني اللا مرئي إلى العالم، من يسمع أنين اليمنيين الضائع في جوف الأودية السحيقة و حشرجات الرماد المنفوخ بأفواه تموت في القيعان.

والغرب كما نعلم لا يؤمن إلا بحاملي جوازاته، والأفلام الحاذقة تصنع قناعاته أشد من الدين.

ادخر مصعب شغفه كاملا لرائحة التراب البلدي التي ظلت تشعل هاجسه نحوها وقد بعد عنها الدار وشحط المزار حتى آب السندباد اليمني إلى عشه الأول.

عاد مصعب محتشدا بخبرة ثماني حجج في محراب عالمية الصوت والصورة، مقررا أن يكون الألم اليمني اللا مرئي للعالم وغبار الحرب المنسية باكورة مشروعه الخاص.

عاد وفي الأرض من نار الشوق وأجيج اللهفة ما لا تطفئه إلا حرارة العناق الأبدي حتى ذوبان الأضلاع، من هنا ابتدأ الفيلم الحكاية.

وستأتي عبقرية الفكرة من زاوية غير مطروقة إذ وضع المخرج روحه بدلا من السيناريو فإذا هي حبكة الفيلم وبؤرة الرؤيا وعقدة الصراع.

تعليقات