لقد صِرتُ مَنذُورًا لكلِّ الخَسَائِرِ
فَشُدِّي وثَاقَ الأُمنياتِ … وصَابِرِي
خَسِرتُ من العُمرِ الكَثيرَ ، ولم أَزَل
أُوَدِّعُ أَعوَامي بِطِيبَةِ خَاطِرِ
وصَاحَبتُ أحزاني إلى أن ألِفتُها
فما عُدتُ ألقاها بقلبٍ مُكابِرِ
وها أنا ذا في مُنتَهى اليَأسِ واقفٌ
أُهَدهِدُ أوجَاعي بقَضمِ أظافري
وأغفو قليلًا … ثم أصحو كأنما
صحوتُ على جُرحٍ من اليَأسِ غائِر
أُحَدِّقُ في وجهي … أقولُ لمائِهِ:
“إذا دُمتَ محفُوظًا فلستُ بِخاسِرِ”
بلادي _ التي كانت بلادًا _ بعيدةٌ
وأبعَدُ منها ما تريدُ سَرائِري
رمتني مآسيها وحيدًا وها أنا
أُفَتِّشُ عني في سَرَابِ المَهَاجِرِ
وأطولُ من هذا الطَّويلِ تَرَقُّبِي
وأوجَعُ من هذا الغِيَابِ تَجَاسُرِي
ُأنا شاعرٌ … بالقَهرِ والضَّيمِ والأسَى
وكلِّ الذي تَدرِينَهُ مِن مَشَاعِرِ
بَكَيتُ بما يَكفِي لأُصبِحَ دَمعَةً
تَقَطَّرُ من أحدَاقِ كُلِّ مُهَاجِرِ
وحَاوَلتُ _ كم حَاوَلتُ _ أن لا يُرَى دَمِي
مُرَاقًا _ بِلا ذَنبٍ _ بِكُلِّ الخَنَاجِرِ
وحَاوَلتُ أن أنجُو كثيرًا بمُفرَدِي
فلم أرَ إلا خَيبَتي في تَكَاثُرِ …