أسامه فؤاد محمد::
من شموخ جبال عيبان وعراقة المجد الضارب في جذور التاريخ اليمني ومن شموخ نقم وعظمة عطان وكبرياء شمسان يتجلى أحمد علي عبدالله صالح كقائد استثنائي صاغت مسيرته المهنية معالم الدولة الحديثة ورسمت ملامح القوة والهيبة في وجدان الوطن حيث تجلت عبقريته العسكرية وحنكته الإدارية في بناء قوات الحرس الجمهوري التي لم تكن مجرد وحدات قتالية بل كانت مدرسة في الانضباط والولاء الوطني الخالص ومؤسسة نموذجية عكست رؤيته في تحديث المؤسسة العسكرية وتطوير قدراتها لتكون الدرع الواقي لسيادة الجمهورية والمظلة التي يستظل بها كل اليمنيين بعيداً عن المناطقية والتمزق وفي قلب العواصف التي تعصف باليمن.
وبينما تتلاطم أمواج الصراعات التي أنهكت الحرث والنسل يبرز هذا الرجل ليس كمجرد رقم في معادلة السياسة بل كونه الرقم الصعب الذي استعصى على الكسر وتجاوز حدود التصنيفات الضيقة ليصبح الرمز الذي تشرئب إليه أعناق اليمنيين من المهرة إلى صعدة إن هذا القائد الذي صقلته التجارب وهذبه الصمت المهيب يحمل في طيات شخصيته دهاءً هادئاً لا يعرف الضجيج بل يعرف الإنجاز حيث تجلى ذكاؤه في قدرته الفائقة على قراءة المشهد من زوايا لا يراها المقامرون بمصير الأوطان فهو الذي يمتلك الرؤية الثاقبة والوطنية المطلقة التي لا تقبل المساومة ولا البيع في سوق النخاسة السياسية الدولية.
ولعل مسيرته الدبلوماسية كسفير لم تكن إلا امتداداً لذكائه السياسي الفطري حيث استطاع بوقاره المعهود وصمته الذي ينطق حكمة أن يبني جسوراً من الثقة مع العالم ويقدم صورة مشرفة لليمن القوي والمتزن والمتمسك بمبادئه الثابتة ولأن الشعوب تمتلك غريزة البقاء فقد أجمع اليمنيون بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم على أن هذا الرجل هو المنقذ الوحيد والملاذ الأخير بعد أن أحرقت سنوات التيه آمالهم وبعد أن يئسوا تماماً من طبقة سياسية تداولت السلطة والخراب ولم تجلب لليمن سوى الدمار والتمزق على مدار عقد من الزمان ساد فيه الشتات والضياع.
إن الالتفاف الشعبي العفوي حول شخص أحمد علي ليس نابعاً من فراغ بل هو استدعاء لزمن الدولة والمؤسسات وهو اعتراف صريح بأن الحكمة اليمانية قد تجسدت في هذا القائد الذي ظل قريباً من وجع الناس ومترفعاً عن الصغائر ليبقى هو الأمل المتبقي لاستعادة كرامة اليمن وهيبة الجمهورية وبناء مستقبل يليق بتضحيات هذا الشعب العظيم الذي يرى فيه الفجر الصادق بعد ليل طال سواده وتجاوزت مرارته كل حدود الاحتمال.