فيصل المجيدي
(1)
ستظل حادثة اختطاف وإخفاء المحامي عبدالمجيد صبره —محامي المعتقلين وصوتهم العالي في وجه الطغيان داخل ثكنات الحوثي المسماة زورا “محاكم”—
من أخطر الجرائم التي ارتُكبت ضد العدالة في اليمن…
كيف يمكن لمنظومة عدالة – حتى في حدّها الأدنى – أن تستوعب اختطاف أحد أطرافها –
كيف يُختطف الرجل الذي يُفترض أن يكون خط الدفاع الأول عن المظلومين؟
أين نقابة المحامين؟ أين أعضاء المجلس؟
هل ينتظرون وصول كتائب الموت من أجهزة القمع التي يديرها الخيواني وعلي حسين الحوثي الى باب النقابة ليشعروا بالخطر؟
هذه لحظة لا تحتمل الصمت…
ارفعوا الصوت فالحق بلا قوة يذوب تحت أقدام الطغيان..
شقيق المحامي المختطف وليد صبره كشف أنه تلقى منه مكالمة قصيرة من قلب الظلام يطالبه فيها بإيصال رسالة عاجلة إلى النقابة للتحرك..
رسالة استغاثة من رجل محبوس منذ شهرين كاملين في أقبية لا يصلها الضوء.
اختطاف محامٍ أثناء أدائه واجبه ليس حادثة عابرة…
إنه مؤشر خطير على أن الحوثي يسعى لقتل كل مقاومة لفكره الظلامي داخل القضاء وخارجه..
مع ان حضور المحامي لمحاكم فقدت شرعيتها يعطيها بعض الديكور الا انهم لم يسمحوا بذلك وضاقوا ذرعا بهذا الصوت الذي كان يقرّع رؤسهم ويكشف خروقاتهم الكبيرة للدستور والقانون …
عندما يُعتقل المحامي لأنه يدافع عن المظلوم فهذه بداية الانهيار الكامل للعدالة..
إنها أيام سوداء ومنعطف لا يجوز السكوت عليه.
وما لم يقف الجميع بحزم فإن القادم على اليمنيين أشد سواداً وظلاماً.
(2)
هدى علي… ضحية جديدة لتهمة “الجاسوسية” الجاهزة..!
فيصل المجيدي
مرة أخرى يعيد جهاز علي حسين الحوثي إنتاج التهمة الممجوجة ذاتها: الجاسوسية.
التهمة التي استخدمتها الميليشيا منذ 2015 لإصدار قرار بإعدام الناشطة فاطمة العرولي واختطاف أسماء العميسي ،والزج بطوابير من النساء في أقبية مظلمة تحوّلت إلى مجازر للأخلاق وبيئة للانتهاكات المروّعة ضد اليمنيات..
اليوم، يُعاد المشهد نفسه مع المختطفة هدى علي—فتاة في ريعان شبابها – 22 عاما – ، استغلّتها الميليشيا بسهولة لتمرير رواية سينمائية مفبركة عن “شبكة تجسس أمريكية صهيونية بريطانية سعودية” بلا دليل، بلا منطق، وبلا أي عنصر يؤيد القصة سوى اعترافات مُنتزعة تحت الخوف..!
لو ان عبدالملك الحوثي تعرض لهذه الضغوط والتعذيب لاقّر بأنه قتل الحسين رضي الله عنه…
ما تمارسه هذه الجماعة التي تدّعي “الطهر” و ”المسيرة القرآنية” يتجاوز أخلاقياً وإنسانياً ما تفعله أكثر الأنظمة قسوة في العالم..
الزينبيات الذراع النسوي للأجهزة القمعية الحوثية—أصبحن أداة لانتهاكات موثّقة: ابتزاز، ترهيب، تشويه، وتحطيم ممنهج لكرامة المرأة اليمنية.
ما يجب أن يفهمه الجميع أن هدف الميليشيا ليس مجرد تلفيق قضية…
بل تفكيك المجتمع من الداخل وإصابة اليمنيين بصدمة تجعلهم يشكّون في بناتهم ونسائهم، ويستسلمون للخوف والصمت..!
هدى علي ليست حالة فردية…
إنها حلقة جديدة في مسلسل تدمير المجتمع اليمني عبر اغتيال سمعة النساء، وتشويه شرف العائلات وتوظيف “الجاسوسية” كسلاح قذر لإسكات كل صوت، وكل إرادة، وكل كرامة..
لا يجوز القبول بهذا الانحدار..
وهذا السرطان الحوثي يجب اقتلاعه قبل أن يُميت الجسد اليمني بالكامل..!