منبر حر لكل اليمنيين

تداعيات محتملة للضربة الإسرائيلية في صنعاء مقارنة مع استهداف قيادات حزب الله في لبنان

أ.د. عبدالوهاب العوج

مقتل رئيس حكومة الحوثيين في اليمن (غير المعترف بها دوليًا) أحمد الرهوي ومقتل وإصابة عدد من الوزراء لا نعلم مصير بعضهم حتى الآن مثل وزير الدفاع محمد العاطفي ونائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع جلال الرويشان في الهجوم الجوي أو بطائرات مسيّرة إسرائيلية له تداعياته المختلفة، مع التأكيد أن الغارة لم تسفر عن مقتل قيادات هامة ومؤثرة في الجماعة مثل يوسف المداني، عبدالكريم الحوثي، محمد الغماري، عبدالخالق الحوثي، أبو علي الحاكم، محسن الحمزي، وعلى رأسهم عبدالملك الحوثي، وهو ما يجعل التأثير الاستراتيجي للغارة محدودًا على البنية القيادية الفعلية للجماعة (Reuters, 2025).

أولًا — تصعيد عسكري كبير: غالبًا ما تؤدي عمليات الاغتيال التي تستهدف قادة بارزين في المليشيات إلى موجة من الهجمات الانتقامية، رغم أن المستهدفين في الحالة الحوثية مجرد واجهات سياسية بلا تأثير حقيقي على القرار العسكري أو الأمني، بينما في الحالة اللبنانية شكّل اغتيال قيادات مثل عماد مغنية أو اغتيال حسن نصر الله نفسه — وفق ما تداولته بعض المصادر في 2025 — ضربة مباشرة لهرم القيادة الفعلية، بما انعكس على قدرة الحزب العملياتية والرمزية (Al Jazeera, 2008؛ Haaretz, 2025). في اليمن، من المتوقع أن ترد جماعة الحوثي بزيادة هجماتها الصاروخية والطائرات المسيّرة على إسرائيل واستهداف السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، إلى جانب تصعيد ميداني في جبهات مثل مأرب والحديدة وتعز، بهدف صرف الأنظار عن هذا الاختراق الاستخباراتي (UN Panel of Experts Report, 2024).

ثانيًا — اهتزاز القيادة السياسية: سيؤدي هذا الهجوم إلى فراغ شكلي داخل الإدارة الحوثية ويعزز من نفوذ التيارات المتشددة الرافضة لأي تفاوض، لكن هذا يختلف عن لبنان، حيث كان لقيادات حزب الله الاغتيال المباشر تأثيرًا هيكليًا على منظومة القرار، باعتبار أن الحزب بُني على شخصية محورية كحسن نصر الله الذي مثل مرجعية دينية وسياسية وعسكرية معًا، وهو ما يفتقده الحوثيون الذين يحتفظون ببنية قيادية متعددة الطبقات، أبرزها القيادات العليا الفعلية مثل عبدالكريم الحوثي، يوسف المداني، محمد الغماري، عبدالخالق الحوثي، أبو علي الحاكم، محسن الحمزي، وعلى رأسهم عبدالملك الحوثي (International Crisis Group, 2023).

ثالثًا — تعطيل مسارات التفاوض: مثل هذه الضربات تجعل فرص السلام أكثر صعوبة، إذ تستغلها الجماعات للمزايدة ورفع سقف المطالب، وهو ما يعيد النزاع إلى نقطة الصفر أو يجعله أكثر استعصاءً. هذا ما شهدناه سابقًا في لبنان بعد سلسلة اغتيالات طالت قيادات حزب الله، حيث أدت إلى تراجع فرص التسويات وزيادة حدة الاستقطاب الداخلي (Carnegie Middle East Center, 2009).

رابعًا — التداعيات الإنسانية: كما في التجربة اللبنانية، حيث انعكس استهداف حزب الله مباشرة على المدنيين من خلال حرب 2006 وما بعدها، فإن اليمن سيشهد مزيدًا من الكوارث الإنسانية مع تصعيد الحوثيين ورد الفعل الإسرائيلي المحتمل، مما يعني تزايد الضحايا والنازحين وتفاقم الأزمات الغذائية والصحية (UN OCHA, 2025).

خامسًا — ردود الفعل الدولية: سيقتصر الموقف الدولي على بيانات إدانة متبادلة، كما حدث بعد استهداف قيادات حزب الله، مع استمرار جهود الأمم المتحدة لكن بفاعلية أقل بسبب التصعيد (Security Council Report, 2025).

خلاصة: الفارق الجوهري أن استهداف واجهات حوثية مثل رئيس الحكومة لا يعادل من حيث الأثر استهداف قادة فعليين كعبدالملك الحوثي أو يوسف المداني أو محمد الغماري، بينما في لبنان مثل اغتيال حسن نصر الله أو عماد مغنية استهدافًا مباشرًا للبنية الصلبة للحزب، بما غيّر المعادلة الميدانية والسياسية. في اليمن، يظل الطريق إلى تغيير المعادلة مرهونًا بتجاوز الاستهدافات الشكلية إلى هرم القيادة العليا، وإلا فإن الضربة الحالية ستتحول إلى مجرد محطة في مسار حرب طويلة الأمد تزيد من معاناة المدنيين دون أن تمس جوهر قوة الحوثيين (Middle East Eye, 2025).

*أكاديمي ومحلل سياسي يمني

تعليقات