يميل التشيع الزيدي إلى المباشَرة.
فهو عملي أكثر، وظاهري أكثر، يذهب إلى اللبّ رأساً: الإمامة في كل زمان لكل داعٍ من آل علي، رغم أن النتيجة، في كل مرة، تكون زهيدة جداً ومحدودة.
في المقابل، اعتاد التشيع الإثني عشرية على أن يسلك طرقاً التفافية، باطنية. الكثير من الكلام، الكثير من الحيل اللفظية والعقلية، كي يصل إلى النتيجة نفسها: الإمامة، الولاية العامة.
التشيع الزيدي يشبه الدفع بـ “الكاش”، بينما ظل التشيع الاثني عشرية أشبه بنظام “الدفع الآجل”!
الزيدي يقول إن “الولاية لآل البيت” ويشير إلى رجال حاضرين في الواقع بأجسادهم، أما الشيعي الإثني عشري فلم يكن يشترط الحضور الجسدي لـ آل البيت، وإنما كان يكتفي بالحضور الرمزي.
عدا أن الإثني عشرية المحدثة، كما نعرف، طورَّت على مراحل نظرية “ولاية الفقيه”، النائب عن الإمام الغائب، وهذا الأخير متحقق فيه شرط النسب، فهو من ذرية علي، ومن ثَمّ فهو إمام منصوب بالنص، وأما الفقيه الذي ينوب عنه في غيبته، فلا ضرورة، من الناحية النظرية على الأقل، لحيازة شرط النسب، وإن كان الخميني وخليفته خامنئي من الناحية العملية يدَّعون النسب الحسيني العلوي.
في نظرية الخميني، لا يتساوى مقام “الولي الفقيه” مع مقام ورتبة النبي والأئمة الاثني عشر، ولكنه في عصر الغيبة ينوب عن الإمام الغائب في وظائفه الدينية والدنيوية.
والصفتان الرئيسيتان المطلوب توفرهما فيه، كما يقول الخميني، هما: العلم بالقانون والعدالة، وهاتان الصفتان موجودتان في عدد كبير من “الفقهاء”، وفقاً للمفهوم الشيعي الحوزوي لكلمة “فقيه”، (الخميني، الحكومة الإسلامية، ص74).
مع ذلك، نظرية الخميني بشكل عام ركيكة، هشة البناء، واستدلالاته فوضوية، يستقيها من منابع ومرجعيات شتى. ليست نظرية وإنما هي بالأحرى تلفيق سوفسطائي، لا سند عقلي موضوعي لها سوى ذات الخميني نفسه، فهي تفضيله واستحسانه وتقديره الشخصي لا غير.
*من صفحته في فيس بوك.