نبارك لعائلتي صالح ودويد العريقتين في اليمن، بمناسبة حفل زفاف أحدث عريس يمني، صخر علي عبدالله صالح، نجل الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، ومهند عبد الخالق القاضي، نجل الكابتن عبد الخالق القاضي الرئيس الأسبق للخطوط الجوية اليمنية، إلى جانب سهيل ومجد ورعد سنان دويد، أبناء شقيقة الرئيس الراحل.
الحفل الذي أقيم في أحد فنادق القاهرة الفاخرة، بحضور واسع لشخصيات سياسية واجتماعية يمنية، يتقدمهم السفير أحمد علي عبدالله صالح، والعميد طارق صالح، وبحضور نادر لمدين وريدان أبناء الرئيس اليمني الراحل، كان له رمزيته منذ اللحظة الأولى، إذ بدأ بالنشيد الوطني اليمني، تلاه النشيد الوطني المصري، في تحية للدولة التي تحتضن أفراح اليمنيين في غربتهم.
كان الحفل لوحة تجمع بين حنين القلوب لليمن وفخرها بالهوية، حيث ارتدى العرسان والحضور الزي اليمني التقليدي، وتمايلت القاعة على إيقاع البرعة وترديد الزوامل، فيما ارتفعت الأعلام، وكأنها تقول: “اليمن باقٍ فينا أينما كنا”، في مشهد رمزي يلخص شوق اليمنيين لوطن يجمعهم من جديد.
اللقطة التي جذبت الأنظار لم تكن فقط جماليات الحفل، بل امتد المشهد لأبعد من حفل زفاف مبهج ليشمل أبعادًا سياسية ووطنية، اجتماع العميد أحمد علي عبدالله صالح والعميد طارق صالح في مشهد ودي تسوده الألفة والمحبة، ويحيط بهما حشد من المهنئين الذين يتهافتون للسلام عليهما يبعث برسالة أمل إلى اليمنيين جميعًا “ما زالت هناك فرصة ولو صغيرة لتجاوز الخلافات ولم ما تبقى من نسيج الوطن”.
اليمن اليوم في حاجة ماسة إلى ما يتجاوز حفلات الزفاف والابتسامات أمام الكاميرات، هذه اللقاءات النادرة يمكن أن تتحول إلى رسائل مصالحة، إذا ما تلاها حوار حقيقي يضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات الشخصية والحزبية.
في ظل التوتر السياسي المستمر والحروب المتواصلة التي مزقت نسيج الوطن اليمني، يمكن لمثل هذه اللحظات أن تصبح فرصة ذهبية لإعادة بناء الثقة وتعزيز روح الوحدة، إذاأحسن استثمارها في حوار جاد ورسائل مصالحة تقول: الوطن أولاً، ومصلحته فوق كل خلاف ضيق الأفق.
ما زال هناك رجال يمكن الالتفاف حولهم، حتى ولو لفترة انتقالية، يعيدون للوطن وحدته وتماسكه، ويمهدون الطريق نحو سلام يليق بتاريخ اليمن وأهله.
نتمنى أن تصل أصوات الزغاريد من قاعة الزفاف في القاهرة إلى أحياء صنعاء وعدن وتعز وحضرموت والحديدة، تحمل معها دعوة غير مكتوبة: كفى تمزقًا، كفى شتاتًا، وربما توقظ البرعة التي دوت أقدامها على أرض الغربة الإيقاع القديم لوحدة اليمن، فيستعيد الناس إيمانهم بأن الوطن أكبر من كل الخلافات.
ففي كل ابتسامة في تلك القاعة، وفي كل يد امتدت بالمصافحة، كان اليمن يلوح من بعيد ويهمس لمن تنازعوا عليه قائلاً: أنا ما زلت هنا.. فهل تعودون؟
تلك مجرد أمنياتي كصحفية مصرية عاشقة لليمن وأهله.
*صحفية مصرية