17 يوليو 1978 _ 2011 مثل ما بين التاريخين مراحل مهمه في التاريخ اليمني لن تطوى ولن تمحى.
انتقل الوطن فيها من الصراعات والصدمات والاغتيالات إلى بداية جديدة من التعايش والأمن والاستقرار النسبي، مر الوطن خلالها بمنعطفات تاريخية هامة شُكلت فيها ملامح الدوله اليمنية التي انتهجت الخيار الديمقراطي والحكم المحلي واسع الصلاحيات.
تم إعادة تحقيق الوحدة الوطنية بين شطري الوطن، أقُرت قوانين لتعددية الحزبية وكفلت الحريات للاعلام والصحافة والرأي.
شيدت المستشفيات والمدارس والجامعات الطرق والكباري والانفاق والجسور.
استخرج النفط والغاز قامت العديد من الشركات الوطنية والمصانع.
قلة نسبة الأمية وازدهر الوطن ونمت الثروة السمكية.
بينما لم يسلم اليمن في هذه المرحلة من الكثير من العواصف التي كادت إجهاض احلام أبنائه أهمها :-
حرب صيف 94، مشاكل ترسيم الحدود، وحادثة المدمرة الأمريكية، وحادثة الناقله الفرنسية، وظهور القاعدة وما سمي بجيش عدن أبين، وجزيرتي حنيش، وتفجير مركزي التجارة العالمي، والتنظيمات التخريبية لاستهداف ابراج الكهرباء وانبيب النفط والغاز واختطاف السواح ، والحروب السته ضد التمرد الحوثي، وغيرها من المحطات التي لو استرسلنا في كل واحدة منها لن يسعنا المقام.
ولكن كانت الحكمه اليمانية حاضرة في كل تلك المحطات واستطاع اليمن تجاوز تلك الإمتحانات الصعبة.
ويشاء القدر ونتيجة لاحتدام الاحتقان الحزبي والطائفي الذي رزح إلى املاءات واجندة مستوردة واستغلال مكامن القصور وركوب موجة الفوضى الخلاقة فيما عرف ب ” الربيع العربي ” في 2011م والتي أطلقت عنانه دول عظمى تحت مسمى “الشرق الأوسط الجديد” من أجل رسم خارطة جديدة لإدارة مصالحها في المنطقة وأن تكون اليمن من ضمن ذلك المخطط الخبيث.
حاولت القيادة السياسية مع العقلاء من جميع الأطراف تفويت الفرصة وتفادي ذلك المخطط برغم اجتهاد الكثيرين من أتباعه لتنفيذ كل تفاصيله الدمويه والتخريبية والتي قُبلت بالمزيد من التنازلات والتسامح والتعالي حتى في تماديهم لعرقلة المصالح العامه، وافتعال الفوضى، وقطع الطرقات، واقتحام المؤسسات، وسفك الدم اليمني، وأخطرها استهداف قيادات الدولة في مسجد دار الرئاسة.
إلا أن صوت العقل والحكمة الذي تحلى بها الشهيد علي عبدالله صالح رحمه الله وقيادات الدولة كانت هي الغالبة، إلى أن تم تسليم السلطة طواعيةً وسلمياً وعبر مبادرة خطها بنودها الرئيس الراحل وقيادات المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وتبناها الإخوة في مجلس التعاون الخليجي، وتم تسليم السلطة في مشهد لا يمكن أن يوصف إلا أنه يعكس مدى عظمة الحكمة اليمانية.
وسلمت السلطة طواعيةً ولفترة انتقالية قصيرة تمهد لانتخابات رئاسية وبرلمانية، لكن ونتيجة لسوء النية المبيته واستفحال الأحقاد والضغائن في صدور كثير من الأطراف، بسبب تفادي اليمن لكل المخططات التخريبية.
تم البدء بالعمل على خطط بديلة، منها أضعاف مؤسسات الدولة، واستبعاد الكفاءات القيادية واحلال بديلاً عنها بقيادات مؤدلجة وغير كفوءة، والتآمر والتحريض على مؤسستي الجيش والأمن واستهدافهما بما سمي بإعادة الهيكلة، وتمزيق الوحدات النوعية والتضحية بها ونقلها مع السلاح النوعي إلى فم الإرهاب لتخلص منها.
أضف إلى ذلك ضعف مؤسسة الرئاسة ما بعد ٢٠١٢م وعملها على إضعاف باقي مؤسسات الدولة كان هو أهم أسباب توسع وانقضاض التيارات المؤدلجة وصراعها المحتدم على السلطة بالقوة مع رزوح كل طرف لما يدعيه من أحقيه الهيه في الحكم.
المقام يطول في ذكر التفاصيل التآمرية والأجندة التخريبية التي لحقت بالوطن خصوصاً ما بعد 2011م حيث استطاعت العصف بمقدرات الوطن، بعد أن عاش مرحلة مفصلية هامة في تاريخه الحديث في ظل تنمية مشهودة ومحطات تاريخية عظيمة صنعت مكانته في مصاف الدول .
ليبقى لنا يوم 17 من يوليو ذكرى ميلاد وطن ….