فساد وزارة التعليم العالي اليمنية يتسبب في ضياع عدد من المنح الدراسية
القاهرة - يمن المستقبل- خاص
تتوالى مؤشرات الفساد داخل الحكومة الشرعية في ظل ما تعانيه اليمن من أوضاع اقتصادية وتعليمية متدهورة وخاصة في (وزارة التعليم العالي والبحث العلمي)، لتُفاقم معاناة الطلاب اليمنيين الراغبين في استكمال تعليمهم الجامعي خارج البلاد.
وكان آخرها ما وصفته أحد الجهات المطلعة بالفضيحة التي تمثلت في ضياع (110) منحة تبادل ثقافي مقدمة من جمهورية مصر العربية للطلاب اليمنيين العام الماضي، المنح التي باتت مهددة بالضياع مجددًا هذا العام، إذ لم يتبقَ سوى عشرين يومًا على انتهاء المدة المحددة لتقديم ملفات الترشيح.
فرصة تضيع بسبب عراقيل داخلية
تمنح جمهورية مصر العربية، بموجب بروتوكول ثقافي سابق، 110 منح دراسية سنويًا للطلاب اليمنيين، في إطار التعاون التعليمي بين البلدين. ووفقًا للتعديلات الجديدة التي وضعتها الجهات المصرية العام الماضي، فإن عملية التقديم لهذه المنح باتت تتم إلكترونيًا وبشكل مباشر عبر منصة رسمية، يتطلب فيها من الطالب اختيار التخصص والجامعة، وإرفاق مذكرة ترشيح من الملحقية الثقافية اليمنية بالقاهرة، وهي الجهة الرسمية المخولة بالتنسيق بشأن الطلاب المبتعثين.
غير أن الملحقية اليمنية، وكما أفاد مصدر مسؤول في السفارة اليمنية- في القاهرة، وبحسب مصادر مطلعة تم رفض إصدار أي مذكرة ترشيح لأي طالب، بحجة رفض وزير التعليم العالي اليمني خالد الوصابي، السماح للملحقية بذلك، كما أن الوزير يشترط أن يتم إرسال كشف بالمرشحين من الوزارة نفسها، بما يخالف الآلية المعتمدة من الدولة المانحة، الأمر الذي أدى إلى ضياع المنح بالكامل العام الماضي، وتكرار الأزمة هذا العام.
من المسؤول؟
تُحمل مصادر في السلك الأكاديمي والطلابي المسؤولية المباشرة لوزير التعليم العالي اليمني خالد الوصابي، الذي يُصر على إبقاء ملف الترشيحات تحت سيطرة مكتبه، دون وجود أي مفاضلة حقيقية أو شفافة، حيث تُمنح هذه الفرص لفئة معينة دون إعلان أو فتح باب التنافس، وهو ما يتعارض مع أبسط معايير العدالة والنزاهة.
ويؤكد مراقبون أن الجانب المصري وفي خطوة مشروعة، أصر على وضع آلية تضمن الشفافية في عملية اختيار الطلاب، إدراكًا منه لواقع الفساد القائم داخل وزارة التعليم اليمنية. ويُعد هذا الإجراء المصري محاولة لحماية هذه المنح من العبث وضمان وصولها لمستحقيها من الطلاب المتفوقين.
الحكومة المصرية دور وموقف مشرف
الحكومة المصرية ورغم الظروف الصعبة التي تمر بها اليمن، إلا أنها ما تزال متمسكة بتقديم هذه المنح السنوية، إدراكًا منها لأهمية دعم الشباب اليمني وتمكينه من التعليم، ومن حق مصر كدولة مانحة أن تضع المعايير والآليات التي تضمن نزاهة الاستحقاق، خاصة في ظل ما كشفته السنوات الماضية من غياب أي معايير واضحة في وزارة التعليم العالي اليمنية.
نداء للمحاسبة والشفافية
في ظل هذه الفضيحة، طالب عدد من الطلاب والمثقفين اليمنيين بضرورة فتح تحقيق شفاف لمعرفة أسباب ضياع المنح، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في حرمان مئات الطلاب من فرص دراسية قد تُغير مسار حياتهم، كما يدعون إلى إعادة هيكلة آليات الترشيح والابتعاث بما يضمن تكافؤ الفرص، ومن ثم يتم منح الطلاب المتقدمين لتلك المنح مذكرات من الملحقية الثقافية اليمنية في القاهرة.
وختاما فإن ضياع هذه الفرص التعليمية يعد جريمة في حق شباب اليمن، الذين لم يعودوا يطمحون سوى في نافذة واحدة للأمل، تُغلقها الأيادي العابثة مرة بعد أخرى، بينما تُمدّ لهم يد العون من الخارج، ليبقى السؤال هل ستبقى هذه اليد ممدودة، أم أن الفساد سيقضي على آخر ما تبقى من فرص؟